الصفحة الرئيسيةتحت المجهر
دفاتر الأيام
العثة... في اميركا أيضاً
الاثنين ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٦
بقلم الدكتور عادل الأسطة

ما ان فرغت من قراءة قصة عادل سالم، وهو مواطن اميركي من اصل فلسطيني، ومن القدس تحديداً، ما ان فرغت من قراءة قصته "زيارة الى مكتب الـ ف.بي.آي" التي ظهرت في مجموعته القصصية الاولى "لعيون الكرت الاخضر" الصادرة حديثاً (2006)، حتى تذكرت قصيدة الشاعر مظفر النواب "بحار البحارين"، ونرجو الله ان يشفيه فهو في حالة صحية متدهورة، كما سمعت، وكما قال الشاعر احمد فؤاد نجم في برنامج "زيارة خاصة" الذي بثته الجزيرة في الايام العشرة الاخيرة من آب. "ووجدتني اعود الى القصيدة لأقرأ:

"من أنت وفي هذا الوقت المشبوه تزور؟
اطرق بحار البحارين
وخبأ في الصدف الحي حكايته
فالعثة في بلد العسكر تفقس بين الانسان
وثوب النوم وزوجته، وتقرر صنف المولود
واين سيكوى ختم السلطان على إليته
فاذا آمن بالحزب الحاكم فالجنة مأواه
وويل للمارق...."

لماذا فعلت هذا، وربطت بين القصة وأشعار مظفر النواب؟ السبب بسيط، لانني وجدت ان الملاحقة التي يعاني منها المواطن العربي في العالم العربي، يعاني منها المهاجر من بلد عربي، بعد الحادي عشر من ايلول، ولن ينجيه من العذاب ويخلصه من الملاحقة الا اذا امن بالحزب الحاكم، او بـ الـ "ف.بي. آي"، وغدا جاسوساً يخبر عن ابناء جلدته.. هل في الامر مبالغة؟ اليست اميركا بلداً ديمقراطياً جداً جداً؟

يقص عادل سالم قصة محمد المواطن الاردني الذي يعمل في اميركا ولما يحصل على الكرت الاخضر وجواز السفر الاميركي، ويفاجأ هذا، ذات صباح، بزيارة ثلاثة من موظفي الـ ف.بي.آي له في منزله، ويقترحون عليه ان يختار بين ان يجيب على اسئلتهم في منزله او في مكتبهم، ولما يختار الثاني يعطيه (ستيفن) بطاقته، ويحدد له الموعد، ويقع محمد في ورطة وحيرة، ويستشير صديقه حسن في الامر فيقترح عليه الا يتحدث الا بعد الاتصال مع محام يكون حاضراً، وهذا ما يفعله.

وما من شك ان مثل هذا لا يتم في كثير من الدول العربية التي يعتقل فيها رجال المخابرات المواطنين بطريقة مرعبة، فتزورهم ليلاً، وتداهم منازلهم، ولا تترك لهم فرصة الاتصال بمحام يدافع عنهم. وتقول لنا السير الذاتية التي كتبها مناضلون سياسيون عرب عن ممارسات رجال المخابرات المرعبة، وكثيرون ممن اعتقلوا تم اعتقالهم في ظروف غير انسانية.. وحين يقارن المرء طريقة اعتقال المواطن العربي في العالم العربي بطريقة اعتقال المواطن العربي في اميركا، كما ورد في القصة، يجد لا شك فارقاً كبيراً، فلماذا اذاً اخترت العنوان "العثة.. في اميركا ايضاًََ"؟
ولماذا تذكرت مقطع مظفر النواب المذكور؟ وهل يجوز ان نضع اميركا الى جانب الانظمة العربية في هذا الجانب؟
ثمة في قصة عادل سالم مقاطع تجيز لي ان اقول نعم، مع بعض التحفظات، وحتى لا اتهم بمعاداة الانكل سام حفظه الله ورعاه سنداً للديمقراطيات في العالم وذخراً لها، ومدافعاً عن حقوق الانسان في العراق وفلسطين وافغانستان، اورد بعض المقاطع من القصة على لسان شخوصها:

"اسم الـ "اف بي آي" هنا مرعب لبعض الناس، خصوصاً الوافدين الجدد او المجرمين، تماماً مثل اسم المخابرات في الدول العربية، التي تكسر باب شقة المتهم لتعتقله دون ان يكون له اية حقوق حتى الاتصال بمحام للدفاع عنه. على الاقل هنا قدموا لي كرتاً ولم يشتمني احد. على الرغم من ذلك انا خائف، نعم في الاردن يضربون، لكن هنا يحاربونك بكل شيء فما الفرق؟ (ص461). ويقترح رجل الـ "اف بي آي" على محمد ما يلي:

"نعطيك جهاز تنصت كل يوم جمعة تحمله في جيب القميص جهازاً صغيراً جداً مثل زر القميص، وخلال حديثك مع المصلين تناقشهم في ابن لادن وما يعمله، وتختار من تعتقد انهم معادون لنا... هذا يسهل حصولك على الجنسية؟ واذا نجحت يمكن ان ندفع لك فلوساً" (ص861).

هل في هذا مبالغة وتشويه لصورة اميركا؟ في الاشهر الاخيرة سمعنا احتجاجات من نواب اميركيين على ما تقوم به دولتهم على افراد مهمين في اميركا. وشرفت يا (نيكسون) بابا يا بتاع الـ(ووترغيت)؟ ولا احد أحسن من أحد.. القصة.. في اميركا ايضاً!!

ملاحظة :

عن جريدة الأيام - فلسطين


تعقيبك على الموضوع
في هذا القسم أيضاً