الصفحة الرئيسيةمقالات ودراسات
الإعلام العربي مطالب بتوخي الدقة
بياناتكم لا تمثل الجاليات العربية والإسلامية
النوادي والمراكز الثقافية والفنية للجاليات العربية المغتربة ليست مؤسسات سياسية
الخميس ١٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٦
بقلم عادل سالم

كثيرا ما أقرأ بيانات تنشر هنا وهناك بغض النظر عن مضمونها يدعي فيها الموقعون عليها أنهم يمثلون الجاليات العربية أو الفلسطينية أو الإسلامية في الولايات المتحدة أو في إحدى الدول الأوروبية أو أستراليا .. إلخ. وتعقد بين الفترة والأخرى مؤتمرات سياسية في الغالب يدعي المشاركون فيها أنهم يمثلون الجاليات العربية أو الفلسطينية أو الإسلامية المغتربة، معتبرين ما يقومون به يخدم الجاليات العربية وقضية شعبنا وأمتنا. متناسين أنهم أحيانا يقفزون فوق مواقف أبناء الجاليات العربية يريدون أن يفرضوا مواقفهم وآراءهم عليها دون أن ينتخبهم أحد لذلك.

وحتى أكون منصفا في حديثي سأركز في مقالي هذا على الجالية العربية والفلسطينية والإسلامية في الولايات المتحدة وكندا وأعتقد أن الوضع في الدول الأخرى لا يختلف كثيرا.

بداية لا بد من الإشارة إلى أن معظم الجمعيات والمؤسسات والاتحادات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة هي في الأساس مؤسسات وجمعيات واتحادات ونواد للخدمات الاجتماعية والثقافية والرياضية وهي مسجلة على هذا الأساس، وليست مؤسسات سياسية وليس لها برنامج سياسي لأنها ليست أحزابا ولا حركات للنضال الوطني وتضم في العادة نخبة من الأعضاء، بعضها يضم العشرات منهم يتم تسجيل معظمهم خجلا وإرضاء لأصدقائهم في الهيئة الإدارية ومعظمهم في الغالب لا يحضرون إلى المؤسسة إلا حين إقامة احتفال غنائي، نستثني منهم بعض المؤسسات الدينية التي لها حضور أكثر فاعلية وتضم فعلا لا قولا أعدادا أوسع من الأعضاء.ولها حضور جماهيري واسع أما المؤسسات الأمريكية العربية فهذه في العادة لا تدعي أنها تمثل كل الجالية العربية وغالبا ما توقع بياناتها باسمها وخيرا تفعل لأنها تحترم نفسها وتصدق مع جماهيرها.

كل هذه المؤسسات بما فيها الدينية أو الثقافية أو الحقوقية الخ هي مؤسسات تمثل أعضاءها حسب برامجها الداخلية وفي الخدمات الثقافية أو الدينية أو الخدمية التي أنشأت من أجلها فمؤسسة الجامع في شيكاغو والتي تضم الاف الأعضاء وهي من المؤسسات الكبيرة تمثل أعضاءها فيما يخص الجامع والقضايا الدينية لكنها لا تطرح نفسها ممثلا سياسيا لهم لأنها لم تتشكل كحزب سياسي يمثل أبناء الجالية سياسيا.

ولو كانت هذه المؤسسات والاتحادات توقع على بيانات سياسية عامة مثل إدانة الاحتلال الإسرائيلي لما اعترض أحد أصلا لأن الجميع حسب تقديري يتفق على إدانة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، لكن عندما يتعلق الأمر بموقف سياسي مثل الموقف من محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فإن الجالية الفلسطينية والعربية لها مواقف مختلفة من النقيض للنقيض ولم تفوض أحدا للتحدث باسمها حتى تلك الجمعيات والاتحادات نفسها، فهذه الاتحادات أولا لا تمثل ولا حتى نسبة عشرة بالمائة من أبناء الجالية العربية والفلسطينية المغتربة وهي وهذا الأهم عندما تجري انتخاباتها إنما تجريها على أساس أنها مؤسسات وجمعيات خدمية وثقافية أو رياضية وليس على أساس أنها أحزاب سياسية تمثل الجالية العربية والفلسطينية وتنطق باسمها .

إن قيام بعض المؤسسات بتسمية مؤسساتهم مثل مركز الجالية العربية في ولاية كذا أو مركز الجالية الفلسطينية في دولة كذا لا يعني أن هذه المؤسسة وهذا النادي أصبح يمثل الجالية العربية ولا الفلسطينية ولا الإسلامية في تلك الولاية ولا تلك الدولة.

نحن نطالب هذه المؤسسات التي تتحفنا بهذه التسميات بأنها تمثل الجاليات العربية والفلسطينية والإسلامية المغتربة أن تتوقف عن مثل هذه التسميات وعليها أن تسمي الأشياء بمسمياتها حينما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية لشعبنا وأمتنا.

فحينما يصدر بيان عن جمعية كذا وكذا في قضايا عامة مثلا استنكار ملاحقة العرب من قبل الإف بي آي فلا أحد يعترض لكن أن يدعي الموقعون أن فلانا وقع نيابة عن الجالية العربية فهذا هراء يجب أن يتوقف وعلى الجهات الإعلامية أن لا تنطلي عليها مثل تلك الادعاءات الباطلة، وعلى الذين يعقدون مؤتمرات شعبية حول حق العودة للشعب الفلسطيني (كل الاحترام لهم) أن يسموا الأشياء بمسمياتها وأن يقولوا فلان حضر عن مؤسسة فلان وليس فلان عن الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة أو في بريطانيا أو في ... إلخ من البلدان.

فلم تخول الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة أحدا للتحدث باسمها في قضايانا المصيرية لأنها لم تنتخب أحدا لذلك وليتفضل من يدعي أنه يمثل الجالية الفلسطينية هنا وليوضح لنا أين جرت انتخابات عامة لكل أبناء الجالية وشاركوا في انتخابه أو تم دعوتهم لذلك ومن هو الذي يدعي أصلا أنه يعرف عناوين كل أبناء الجالية الفلسطينية أو العربية في الولايات المتحدة؟

نرجو أن لا يعتقد أحد أننا نقلل من قيمته أو من قدراته أو أننا نسجل اعتراضنا على ما يكتبونه ويقررونه، بل نحاول أن نوضح نقطة قانونية حتى لا يأتي غدا من يبيع القضية بنفس الطريقة وهو الادعاء أنه يمثل أبناء الجاليات المغتربة .

إن الذين يحضرون تلك المؤتمرات إنما يحضرون بأسمائهم وأسماء المؤسسات التي ينتمون إليها مهما كانت نواياهم شريفة ومخلصة وهي مهما بلغت من العدد لا تمثل الجالية سياسيا لأنها تجري انتخاباتها على أساس مهني ثقافي ومنهم على أساس رياضي وديني، والله من وراء القصد.


تعقيبك على الموضوع
في هذا القسم أيضاً