بابا يضرب ماما
لماذا يضرب الأغبياء زوجاتهم؟!
حكايات فدوى وسهيلة فاقرأوها
الخميس ٣١ تموز (يوليو) ٢٠٠٣
بقلم عادل سالم

تجادلنا بعد كتابة المقال المذكور نحن كاتبي المقال(عادل سالم ورانيا السلعوس، هل يكون عنوانه: لماذا يضرب الرجال زوجاتهم؟ أم لماذا يضرب الأغبياء زوجاتهم؟

كانت شريكتي في الكتابة تقول لماذا الشتائم فهي لن تحل مشكلة وكنت أرى أن الرجل الذي يضرب زوجته رجل غبي، ليس فقط لأنه ليس من حقه في نظري أن يضرب زوجته التي هي ليست ملكا شخصيا له، بل لأنها إنسان له مشاعر ورأي وكيان، وإن كان يعدها امرأة غير صالحة أو غير كفؤة فلماذا لا يتركها بحالها ؟! لماذا لا يطلقها بالمعروف ؟؟! وهل فعلا كان يتجرأ أن يرفع يده عليها لو عرف أن أهلها أشرار يمكن أن يردوا له الضربة بضربتين؟

هل فعلا كان يتجرأ بالضرب لو علم بما لا يدع مجالا للشك أنه لو ضربها سيسجن ويهان في السجن وأنها من الممكن أن ترميه في الشارع وتستولي هي على البيت بحماية القانون كما يجري في دول غربية مثل أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا الخ لا تعجب قوانينها الرجال عفوا الرجال الأغبياء؟؟

بالتأكيد ستقل كثيرا وكثيرا جدا نسبة الذين يضربون زوجاتهم لو كانوا يعرفون أنهم سيدفعون ثمن ضربهم لزوجاتهم، ولا نقول أنها ظاهرة ستنتهي وتتوقف لأن توقفها ليس مرتبطا فقط بالجريمة والعقاب ولكن بالتربية التي يعود المجتمع أبناءه عليها.

لعل هذه المقدمة تكشف للنساء بوضوح أن سبب تعرضهن للضرب مرده أولا غياب القانون الصارم تجاه ضرب النساء، وإهمال المجتمع لهذه المسألة التي غالبا ما تحل بالصلحة وبوس الراس، وتضيع حقوق المرأة هباء برضاها وموافقتها في معظم الاحيان، لأنها تحاول أن تختصر الشر كما يقال وتتحمل كل المأسي والإهانات طيلة حياتها، إما حرصا على مصلحة الأطفال، أو لأن أهلها لا يوافقون على عودتها لهم، أو لأنها تخاف من الفضيحة باعتبار أن الطلاق في مجتمعنا عار على المرأة قد تقضي بقية عمرها دون زواج بعده .

لكنا لو سألنا هذا السؤال إلى مئة شخص من الرجال فإننا بالتأكيد لن نخرج بهذا الاستنتاج لأنهم جميعا سيبررون أعمالهم بأخطاء المرأة وكأن خطأ المرأة لا يعالج إلا بالضرب مع أن الرجال أنفسهم يخطئون ألف مرة كل يوم لكن هيهات أن ينتقدهم أحد . والمسألة تختلف من دولة عربية لأخرى ومن مدينة فلسطينية وأخرى ومن القرية والمدينة لكنها تظل ظاهرة منتشرة كانتشار النار في الهشيم .

إنه لمن المؤسف جدا أن المرأة التي تعاني من ضرب الرجل وإهانته لها هي نفس المرأة التي عندما يكبر أولادها تعلمهم أن لا يستسلموا لزوجاتهم وان يطلبوا منهن الاستسلام للحموات .

نفس المرأة التي يضربها زوجها هي التي تطلب من ابنها أن يضرب زوجته ويهينها إذا لم تأتمر بأوامره دون نقاش وتكون خادمة مطيعة، فأين يكمن الخلل ؟؟؟

دعونا قبل أن نكمل الموضوع نستمع إلى إحدى شهادات أو شكاوي النساء من فلسطين حول ضربها من قبل زوجها، ها هي فدوى تحدثنا والدموع تترقرق من عينيها :

"و الله قصتي قصة، أنا بحبش الحياة ..جوزي من أول ما أخدني و هو بضربني على الطالعة و النازلة… لو اني مذنبة ذنب كبير بقول يا الله.. طلباتي بنفذهاش ..أما طلباته لازم تتنفذ قبل ما يطلبها، بضربني بسبب و بدون سبب .. مرة طلبت منه جبنة للأولاد يقرطوا زيهم زي الصغار …قام صار يصيّح: حلّي عني…وشتمني ولعن سنسفيلي .

مرات بضربني قدام اولادي و مرات بيني و بينه ..يعني شو هالصغار لما يشوفوا امهم بتنهان..؟؟؟ و الله المعلمات قالولي أولادك مرات بكونوا صافنين و بسألهم مالكم..؟؟ بقولوا بابا بضرب ماما ..و نزل الدم قد البركة.. أنا بخاف على ماما.

لما اتزوجت كان عمري 15 سنة ونصف …سألوني أهلي موافقة …و الله ما بعرف شو يعني موافقة كنت صغيرة وما بعرف شو الزواج ..أهلي جوّزوني و بعرفش شو يعني بيت و مسؤولية ..و مع هيك دخلت هاي الحياة و قلت خلص زيي زي غيري … ومن أولها بدا يضرب في.. أهلي بس كنت اروح عليهم زعلانة (حردانة) كانوا يرجعوني بدون موافقتي..قلت يالله بصبر لا أنا أول بنت بتاكل قتلة يعني باللهجة المصرية علقة و لا أنا آخر بنت.. ومشيت الأيام و هو على الصورة … و صار عندي عيلة 5 اولاد و 3 بنات أكبر ولد 16 سنة و أصغر واحد في أولادي بنت عمرها سنة ونصف … والحياة معه في صعوبة … مرة من المرات ضربني على راسي بالبربيش _ صارت فدوى هنا تبكي ، وبعد لحظات أكملت

راسي انفشخ و انفتح من حمّ الضربة، نزل منه دم و هو يضرب و أنا صوتي ما طلع بخاف من الجيران و الفضايح… في مجتمعنا فش قوانين فش إسلام ….الله أكبر لو آخذ حقي بطريقة إسلامية لازم يحبسوه.. الله أمر باحترام المرأة و فش حدا بسمع …أو أحكي لأبوي بدو يرجعني هي هي .. واذا ما رديتش المجتمع بعتبرني ناشز و اني مش مطيعة و كل الناس ضدي … المهم الدم صار زي البركة … والله انو منديلي ( حجابي ) شلحته و صرت أعصر منه الدم .. وقّفت الدم حطيت 100 شغلة عشان الدم يقطع .. لو في قانون يوقف اللي زيو عند حدهم مش بنرتاح…؟؟؟؟ (تدخلت الأم : بعد هاي الضربة صار عندها تعب بالأعصاب)

المهم بعد الاجتياح بدت قصة جديدة … البيت انهدم فوق روسنا و كتر الخوف أنا صرت أركض زي المجنونة و نزل على روسنا شوية من الهدم بس مش اشي كثير … يعني ما أثّرش ، بعدها صارت حياتي اكتر صعوبة … زي اللي نفسيتي مش طايقة حدا ..و بعصب من اقل اشي جوزي صار يضربني اكثر بحجة بدو يأدبني ..و انو هو مش طايق و اني لازم أتحمل.. رحت عند دكتور نفساني ..قال : انو أنا بعاني من مشاكل نفسية وبلزمني علاج طويل و مكلف …ووزارة الصحة بتوفرش هاذا النوع من الدواء…جوزي ما اتعرفش علي كبّني يعني رماني عند دار أهلي أخدني لحم ورماني عظم و قال لأهلي بنتكم مجنونة بقدرش اعيش معها… وبعدين عمرها ما دارت بالها على الأولاد و لا علي و لا على البيت …

يعني بدا يلحّن انو بدو يتزوج.. و فعلا اتزوج .. وطلب يرجعني على البيت رفضت و باصرار … جاب معه ناس كبار و الهم قيمتهم ما بخرب بيتنا الا الناس الكبار لانهم ما بقولو الحق بس بيدهم يطبطبو الشغلة على حساب المرأة …اما زوجي الكذاب لعنة الله عليه من هون لمليون سنة حلف يمين و عاهد ابوي انو مش رايح يمسني … أبوي رجعني لإنو أخد العهد منه قدام الجميع، وكمان قال أبوي انو مش مجبور ببنتي الصغيرة اللي بين ايدي و لا مجبور بمصروف الدواء … ( كانت تتنفس الصعداء أثناء حديثها)
رجعت وبعد اسبوع من رجعتي على البيت رجع زي أول و أكتر… و قالي انو بدو يجيب ضرتي يسكنها معي لإنو بقدرش يفتح بيتين ( ضرتي بنت عمّه ..)

انا رفضت و بشدة بستحملش … رحت عند دار اهلي حردانة ( زعلانة) و قلتلهم لو انطبقت السما على الأرض ما برجع … بديش تطعموني و لا تسقوني .. الله بطعمني و بسقيني.

ابوي قامت قيامته رجع زي الأول، امي قالت و الله ما بترجع البنت الا لما تحطّلوا ..أبوي قال بترجع و انا مش ناقصني ..امي اصرت انو لأ قالها برميكي انت و بنتك بالشارع.. امي ساعتها قالت بقعد بالشوارع و لا بنتي تضل لآخر حياتها مغلّبة .. بكفيش انا اتغلبت ـ لاحظو حتى الأم كانت متغلبة مع الأب ـ…. المشكلة انو حالة اهلي مش منيحة من ناحية اقتصادية ..و خاصة انو أختي التانية قاعدة عند اهلي عشان زوجها محبوس من يوم الاجتياح هي و ابنها و المصاريف بتكتر … هاذا غير انو كل أولادي مشتهية أشوفهم بس وين يا حسرة بدي أجيبهم و لو البنت الصغيرة الرضيعة لأنها حارقة قلبي … دايما بقعد افكر: يا ترى اكلوا..؟؟ شربوا ؟؟ لعبوا..؟ قبل ما تخلص المدرسة كانوا يبلوا ريقي و أعرف أخبارهم …اما الان بتنمى أشم الريحة اللي بتيجي من عندهم .

بتصدقي انو جوزي لهسى يعني للآن ما اتعرفش عليّ بقرش صغير …و لا كإني مرته.. أنا بديش ارجع ولا اصعب منها و الله فكري اني أغامر بالأولاد هو كل الناس بأولاد عندهم، يمكن يطلعلي البنتين الصغار، و الباقي الله بتكفلهم."

الى هنا انتهت قصة فدوى المسكينة واسمعو الان قصة اخرى ترويها سهيلة :

"أنا شابة في الثامنة و العشرين من عمري ، أم لطفلتين . تزوجت لاول مرة من قريب لي ضعيف الشخصية فلم أستمر معه تم الطلاق وتزوجت من رجل اخر عنيف جدا و منذ ست سنوات أتعرض للعذاب الشديد ركلا و صفعا و تكسيرا، إهانات ذم و تحقير مستخدما كل الوسائل و كل ما يقع تحت يديه ، لم يعتذر مرة واحدة عن عنفه و غالبا ما يطالبني بحقه الزوجي ، اي ممارسة الجنس معي قبل ان تجف دموعي من ضربه، و كنت طوال الوقت أميل إلى الصمت فأنا مرعوبة منه و أخاف منه جدا ، انه يهددني دوما بالقتل و تشويه جسدي و بان لا أحد سيردعه ساخرا من عائلتي الصغيرة و الفقيرة . أما الذي كسر حاجز الصمت أو الرعب هو انه منذ عام لا يحلو له ضربي إلا و أنا نائمة صرت أخشى النوم بجانبه خوفا من صفعة يهوي بها على وجهي و هذا ما يتكرر معظم أيام الأسبوع فأنا لم اعد احتمل هذا العنف و هذا القهر و هذا الظلم ، لذا رفعت صوتي و كسرت حاجز الصمت ."

هذه ليست سوى نماذج لنساء كثيرات يضربهن أزواجهن لتبرير فشلهم في الحياه أو لضعف شخصيتهم او لغبائهم كما يقول عادل سالم .

والسؤال هو لماذا لا يتحرك المجتمع لوقف هذا الخلل المستشري في صفوفه، وحتى يقف الرجل عند حده وتوضع القوانين التي تحمي حقوق المرأة المسلوبة فلماذا تقف النساء عاجزات عن عمل شيء ما؟ ..

لماذا لا يتدخل الأب أ إذا كانت ابنته هي التي تُضرب؟ أين موقف الآباء الذين يمارس أولادهم ضرب زوجاتهم ؟؟ لماذا تصرخ المرأة طالبة النجدة عندما يضربها زوجها ولا تقف ضد ابنها وتنهاه عندما يضرب زوجته ؟؟؟

لماذا نحن وأنتم لانقاطع من يضرب زوجته أو يحقرها ؟؟؟

لماذا نضحك ونقف ساكتين إذا كنا في جلسة وسمعنا رجلا يعنف زوجته ويهينها أمامنا بدلا من تعنيفه وإعلامه بخطئه ؟؟؟ من منكم من الشجاعة بحثي يقاطع أخاه لو عرف أنه يضرب زوجته وضرب بعرض الحائط كل الوساطات التي تطالبه أن يتوقف عن ذلك؟
قل الصدق أيها القارئ لو ضرب ابنك زوجته وشكت عليه الزوجة، هل أنت مستعد أن تشهد ضده، أم أنك سوف تضغط على الزوجة أن تتنازل عن حقها وتسامحه؟

أما السؤال المهم لماذا لا تقاوم المرأة التي تتعرض للضرب ؟؟ ألأن الرجل أقوى جسديا ؟؟؟ لماذا لا تنتقم المرأة فيما بعد عندما يحين لها الوقت المناسب ؟؟؟
كيف تقبل أن تظل خرساء وتصبح الإهانة جزءا من حياتها ؟؟؟ السؤال واضح وجوابه سهل جدا في غياب القانون الرادع واعتماد المرأة اقتصاديا على الرجل وغياب الضمان الاجتماعي للمطلقات فلا مجال للتقدم نحو حل جذري لمأساة المرأة التي تنتشر في مجتمعاتنا العربية في كل مكان .

(كل الندوات التي تطالب بحرية المرأة لن تحل المشكلة)

هذا ما قالته امرأة ما قالته امرأة يبدو إنها قوية، ثم أكملت : لكن يبدو أن ثمة حل فلو قاومنا الرجال المعتدين واستخدمنا العنف معهم وغامرنا بحياتنا مرة واحدة لتوقف جرائمهم وتحرك الجميع وضغطوا باتجاه حل يعيد لنا كرامتنا .

فهمت ما قصدت فهل فهم القراء ؟؟؟

ملاحظة :

كتب هذا المقال بالمشاركة مع رانيا السلعوس في فلسطين

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة