حــق المــرأة فـي الطـلاق
الثلاثاء ٣١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٢
بقلم عادل سالم

معركة شرسة، بدأت منذ فترة ولم تنته بعد في الشارع المصري ومجلس الشعب حول حق المرأة بالخلع (أي بأن تطلق نفسها) من زوجها الذي أذاقها الأمرين. تضارب الآراء انعكس أيضاً على علماء الأزهر الذين انقسموا قسمين: قسم يؤيد ذلك ويدعم رأيه بأحاديث وآيات قرآنية ، وآخر يعارض مستنداً الى آيات أخرى.

وما دام الأمر قد وصل الى حد الخلاف في مجلس الأزهر فليس من العيب إذن ولا من العار أن يبدي المسلمون والمسلمات آراءهم في هذا المجال.

  بداية يجب الاعتراف بحق المرأة في أن تطلق نفسها من الرجل سواء كان لطيفا معها أو لم يكن، فمن غير المعقول أن يتحكم الرجل في زوجة لا تريده، كأنها قطعة من آثاث البيت يقرر هو وحده إن أراد الاحتفاظ بها أم لا.
  الطلاق حسب وجهة نظري يجب أن لا يتم بكلمة يقولها الرجل أو المرأة وإنما يجب أن يتم أمام قاض متخصص وبأمره، حتى لا يكون الطلاق نتيجة فورة غضب. هل رأيتم رجلا غير مسلما يقول لزوجته: أنت طالق؟ طبعا لا ، لأن لو قال ذلك فليس له أية أهمية.
  يجب على الدول العربية والإسلامية أن تشرع قوانين للطلاق تحفظ حق المرأة ويكون فيها اجتهاد عصري ولا يستند إلى أحكام قديمة تربط حق المرأة بالطلاق على تنازلها عن حقوقها المدنية تحت مبررات أنها هي من يطلب الطلاق. وماذا تفعل بعد ذلك؟ هل تلف على البيوت لتتسول؟

إن الحديث عن تأييد تام لحق المرأة بالطلاق، ما دامت قد تنازلت عن حقها في المهر المؤخر وما يتبعه، هو تأييد غير منصف للمرأة التي قد تطلب الطلاق لممارسات غير مقبولة من زوجها في الوقت الذي يجب أن تطالب بحقوقها في المهر وغير المهر خصوصاً بعد أن تكون قد عاشرته مثلاً ثلاثين سنة. كما أن رفض حق المرأة بالطلاق واعتباره حقاً شرعياً للرجل فقط لأن المرأة لو أعطي لها هذا الحق لاستخدمته على الفور وأصبح معظم نساء مصر مطلقات هو قول غير صائب وفيه تجن واضح على المرأة التي لا تختار الطلاق في أغلب الأحيان إلا مكرهة، بعدما تكون قد عانت الأمرين ولم يبق أمامها سوى ذاك الاختيار الذي وصفه رسول الله في قوله " إن أبغض الحلال الى الله الطلاق".

كنت أتمنى لو لم يختلف علماء المسلمين في الأزهر حول هذا الموضوع لأنه حق للمرأة، كان عليها أن تضعه كبند من بنود عقد الزواج ليصبح شرعياً مئة بالمئة لا يعترض عليه أحد. إلا أن أهل الخير غالباً ما يتناسون ذلك حتى لا يفسدون الزواج ولأن معظمهم عند الأفراح ينسون أنفسهم وتعتقد المرأة حينها أن عريسها سيكون مثل السمن على العسل وأنها لن تصل إلى الطلاق أبداً، ولو جربت أن تضيف هذا الشرط لانطلق العريس يقنعها بأن زواجهما سيدوم إلى الأبد وسيغني لها أغنية أنت عمري، وأمل حياتي . . . الخ من الكلام المعسول.

أقول مرة أخرى كنت أتمنى لو لم يختلف علماؤنا حول هذه النقطة لأنها جائزة للمرأة ولكن كان عليهم أن يحلوا لنا مشكلة المهور (المتأخرة) فالذي يتزوج الآن ويكتب في عقد الزواج أن المتأخر ألف دولار مثلاً، ماذا يكون قيمة الألف دولار سنة 2030 ؟!

هل عدل أن يطلق الرجل زوجته بعد عشرين سنة زواج وأحياناً أربعين ليدفع لها خمسة دنانير كانت في سنة 1960 مثلاً تساوي مبلغاً أما الآن فهي لا تساوي ثمن وجبة فلافل في أي مكان في العالم اللهم إلا إذا كان الفلافل بائت ورائحته تزكم الأنوف.

لماذا لا يتفق علماء المسلمين على أن الطلاق حق للمرأة والرجل ولكن لا يمارسه أحد إلا بعد إقرار المحكمة الشرعية بعد اجتماعها مع كليهما ومحاولتها إصلاح ذات البين. ثم لماذا لا يكون للمهر المؤخر قانون شرعي تحدده المحكمة حسب وضع الزوج المالي وسنوات الزواج، أليس من حق المرأة التي عاشت مع زوجها 30 سنة، أكلت معه الحلوة والمرة أن تقاسمه ما وفره لشيخوختهما؟ أليس ديننا دين العدل ؟! وهل عدلٌ أن يُطلق رجل زوجته التي جاوزت الخمسين سنة بمهر مؤخر مقداره جنيهاً واحداً أو عدة جنيهات، هل كان الفاروق سيقبل بذلك لو كان هو القاضي؟

على الهيئات التشريعية في الدول العربية وليس مصر وحدها أن تسن قانونا يلزم الأزواج المطلقين أن يتقاسما ما بحورتهما حسب نسب يحددها المشرعون للحفاظ علىحقوق النساء عند الرجال.

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة