أجيبوني ماذا أفعل؟!
رسالة من امرأة متزوجة
الأحد ٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٧
بقلم عادل سالم

لو كنت في مسابقة "من سيربح المليون" لأجبت على أسئلة جورج قرداحي بسرعة فائقة، ذلك أن معظم الأسئلة سهلة جداً ولاحتاج الأمر مني لبعض الوقت لاختيار الجواب المناسب من الاختيارات المطروحة أمامي فقد أصيب وقد أخطئ أو أنسحب دون خسارة كبيرة فالعبرة في النهاية ، وهي أني لن أخسر كل شيء.

لكن السؤال الأخير الذي وصلني على الإنترنت من إحدى النساء العربيات القاطنات في الولايات المتحدة ، قد عقد لساني فلم أستطع أن أجيب بسرعة ولم يكن أمامي خيارات كثيرة وكان لزاماً علي أن أبحث عن جواب حقيقي فيه حل لمشكلة قائمة وليس فيه أي مكسب أو خسارة شخصية.

واعترف لكم أنني أمضيت ساعات طويلة وأنا أحاول جاهداً أن أصل الى جواب يرضي ضميري فلم أستطع حتى هذه اللحظة.

تقول المرأة في رسالتها، أنها بدأت منذ فترة على الإنترنت بإنشاء صداقات عادية مع رجال عرب. تناقشهم ويناقشونها وتمازحهم في محاولة للتسلية رغم أنها متزوجة منذ عدة سنوات.

وتضيف قائلة إنها تفعل ذلك مجبرة لأن زوجها منذ أن أحضرها الى هذا البلد يعمل منذ الساعة السابعة صباحاً حتى منتصف الليل في محاولة منه لجمع اكبر قدر ممكن من الفلوس . وما إن يحضر إلى البيت حتى يتناول العشاء ثم يغفو على الفور، وعلاقته الزوجية مع زوجته لا تتجاوز تأمين الأكل وإقامة العلاقات الجنسية مرة كل أسبوع وبطريقة حيوانية لا يوجد فيها أية مشاعر إنسانية .

طريقة لا تختلف عن الحيوانات في شيء.

وتأكد المرأة في ختام الرسالة أنها تقضي طيلة اليوم والليل في البيت حيث لا سيارة ولا أهل ولا زوج يبادلها الحديث. والأدهى من ذلك كله أنها تسمع عن نزواته ومغامراته مع الأمريكيات وكأنه رجل لا زوجة له.

لقد حاولت المرأة أن توضح لزوجها أن واجبه الاعتناء ببيته وأنه آن الأوان لكي يتوقف عن كل تصرفاته اللا أخلاقية ولكنه أصم أذنيه. حتى ملت الحديث معه وبدأت تبحث عن طريقة تقضي فيها وقتها. وعندما أنهت المرأة رسالتها قالت: ماذا أفعل؟! بالله عليك أجبني ما هو الحل؟!

لم يكن صعبا علي أن أقترح عليها حلاً أراه مناسباً لو كنت أعرف أنها المرأة الوحيدة التي يعاملها زوجها بهذه الطريقة، ولكن الأمر يحتاج الى دراسة وتفكير ذلك أن ما تعانيه هذه المرأة جزء من ظاهرة منتشرة بين العرب الأمريكيين خصوصاً المهاجرين حديثاً الذين يتعاملون مع زوجاتهم كخادمات وكآلة لتفريخ الأطفال يعطون معظم اهتمامهم لنزوات ومغامرات عاطفية خارج بيوتهم وبعيداً عن أعين زوجاتهم المظلومات.

هذه الظاهرة ليست الغالبة في أوساط العرب في الولايات المتحدة ولكنها موجودة بشكل ملفت للنظر حتى لدى الأشخاص الذين لا نزوات أو مغامرات لهم.
فبعض الرجال فعلاً يقضون 16-18 ساعة في العمل أو زيارة الأصدقاء أو حتى في الجامع ولا يسمحون لزوجاتهم الخروج من البيت في الوقت الذي لا يقومون بواجبهم تجاههن. وقد نعتقد نحن أو الأزواج الظالمون أو لنقل الضالين أن زوجاتهم بألف خير وعال العال، غير مدركين ما يعتمل في نفوس هؤلاء النسوة .
فما الحل يا ترى؟!

 هل الطلاق هو الحل؟

إن أي حل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أننا جزء من مجتمع متخلف حمل معه تخلفه الى الولايات المتحدة الأمريكية، وينظر الى المرأة المطلقة نظرة ازدراء حيث تنعدم فيه فرصة زواجها ثانية وقد تعيش العمر دون زواج. ولا يتوقف الأمر الى هذا الحد بل ستظل عيون الرجال واستفساراتهم تلاحقها طيلة العمر لماذا تطلقت ، ماذا عملت حتى طلقها زوجها؟!

ولن يخلو الأمر من محاولات جرها للرذيلة، والفساد وسوف يتشجع الرجال في معاكستها إذا عرفوا مع الأيام أنها تسكن وحدها مثلاً.
ولأن المرأة تدرك ذلك، وما تخبئه لها الأيام تراها أحياناً كثيرة ساكتة - ماكلة خرا - كما يقولون راضية بالسيء لئلا يحدث الأسوأ.

  وهل خيانة المرأة لزوجها هو الحل؟! لا أستطيع أن أقول لامرأة أن تمارس ما يمارسه زوجها، ولو أنني أسمع أن كثيرات فعلن ذلك فضميري لا يسمح لي أن أطالب المرأة بالبحث عن حل عبر جريمة ستكلفها الكثير لاحقاً عندما تدمر حياتها.

كما أنني لا أنكر أن ما يمارسه الأزواج الذين نتحدث عنهم، جريمة نكراء لا تستحق الغفران بتاتاً. ولا يمكن والحال هذه أن نكتفي بمطالبة المرأة بالصبر والتحمل والاهتمام بالأولاد إن كان لها أولاد (إذ هذا ما يحدث غالباً) فعلى المرأة العربية أن تتحمل وأن تصبر وأن تصون نفسها..الخ
ولعل أحد القراء يقول: على المرأة أن تدخل أهلها للضغط على الزوج وإصلاح ذات البين.. وهو ما تحاوله معظم النساء إن لم يكن جميعهن.

ترى ما الحل؟!

لا يوجد عندي حل سحري ولا أعتقد أن الحل باتخاذ المرأة وحدها قراراً مصيرياً بالانفصال أو الصبر. ولكني أرى ولا أدري إن كان ثمة من يؤيدني في ذلك، أن الحل مسألة جماعية علينا جميعاً أن نساهم في حلها، فالحل بيد الجالية والمجتمع معاً إذ يجب أن تقوم كل أسرة بدورها في ذلك وهذه المشاكل ليست وليدة المجتمع الأمريكي إذ أن نساء عربيات بالملايين يعانين من هذه المشكلة في الدول العربية ولا حل سحري على الأبواب. فما لم يتغير المجتمع لن يتغير الحال، وما لم نساهم جميعاً في الحل فسوف تظل المرأة تكتوي بسياط الرجال.

فما الذي يمكن لنا أن نساهم فيه؟!

أولاً، علينا أن نغير نظرتنا الى المرأة فلا نعود ننظر الى المرأة المطلقة كمجرمة، وأن نتعامل معها كما نتعامل مع الرجل المطلق على أقل تقدير، وأن نفسح لها بيننا حياة كريمة دون أن نلاحقها بنظراتنا واستفساراتنا. وعلينا أيضاً أن نعلم بناتنا حتى إذا واجهن مثل هذه العقبات في الحياة، يكن في مقدورهن العمل والاعتماد على أنفسهن. فالكثير من النساء العربيات يصبرن على الظلم ويرفضن الطلاق كحل لخوفهن من عدم تمكنهن تأمين لقمة العيش لهن ولأولادهن إذا اقتضى الأمر.

وثانيا فإن مسؤولية الأهل كبيرة إذ عليهم أن يتأنوا في اختيار العريس المناسب وأن لا يتسرعوا تحت وطأة الضغط الاقتصادي بالموافقة على أول عريس قادم لبناتهم. عليهم أن يفكروا كثيراً ويعطوا البنت وأنفسهم فرصة التعرف على بعضهم بعضاً إذ أن طبيعة الحياة الجديدة تجبر الناس أن يغيروا من نمط وطريقة الزواج التقليدية.

لكن المسألة لا تقف عند هذا الحد بتاتاً بل تتعداه الى دور الناس الآخرين في توجيه سلوك الأزواج الضالين والضغط عليهم للقيام بدورهم تجاه عائلاتهم.
كيف يكون ذلك يا ترى؟

على الأخ مثلاً أن يقف ضد أخيه الذي يقصر بحق بيته، على الأصدقاء أن يقولوا لصديقهم أنت متزوج اذهب إلى البيت ويكفيك سهرا معنا كل يوم، على المرأة نفسها التي تعاني مما يقوم به زوجها أن تقف ضد أخيها الذي قد يقوم بنفس الجريمة وأن تعيده إلى الصواب، وعلى الأهل الذين يلاحقون بناتهم الشاذات أن يلاحقوا أبناءهم أيضاً ولكن متى سيتم ذلك؟!

سؤال جوابه عند ربي، فلا أعرف متى ولا كيف سيتم ذلك، كل ما أعرفه أن الطلاق قد يكون حلا لواحدة أو أخرى من النساء ولكن لن يحل هذه الظاهرة العامة المنتشرة بنسبة غير بسيطة بين العرب،وإذا كان لقارئ أو قارئة رأي آخر فلماذا لا نسمعه ، نعم لماذا لا نسمعه؟!

ملاحظة :

عرب تايمز

17/01/2002

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة