الصفحة الرئيسيةمقالات ودراسات
من الصعب أن تقتل شخصا دون أن تقتل جزءا من ننفسك!!
مايكل مور يفضح أكاذيب جورج بوش بالكلمة والصور
السبت ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٤
بقلم عادل سالم

كنت يوم 25 حزيران ـ يوليو ـ 2004 واحداً من الذين حالفهم الحظ بمشاهدة فيلم المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور فهرنهايت الحادي عشر من ايلول الذي بدء عرضه في قاعات العرض الامريكية يوم 24 منه وبحضور كبير للأمريكيين من مختلف الأجناس حتى أن بعض القاعات لم تستوعب أعداد المتفرجين فتم عرض الفيلم بأكثر من قاعة في نفس المسرح .

حرصت أن أذهب لمشاهدة الفيلم يوم الجمعة ظهراً ، حيث أن الناس عادة في تلك الساعة يكونون في أعمالهم وغالبا ما تكون القاعة غير ممتلئة فقد كنت أحرص أن لا أحضره في وقت يكثر فيه الناس خصوصا وأنه فيلم سوف يتعرض للحادي عشر من أيلول وما لهذه الذكرى من تاثير على المتفرجين الذين قد يتعرضون لمشاهد من أصل عربي بالاعتداء . لكني فوجئت أن القاعة مليئة بالناس فحرصت أن أجلس قريبا من الباب لنفس السبب ليس خوفا لكني لم أشأ أن أكون وسط جمهور من البيض في جو مشحون كهذا .

ابتدأ الفيلم وسط صمت مطبق فلم أسمع تعليقا أو همسا من أحد

مايكل مور الذي كتب سيناريو الفيلم وأنتجه وأخرجه ، مخرج وكاتب مشهور يعرفه الأمريكيون منذ فيلمه الوثائقي الشهير بولنج فور كولمباين تيتشر ، وهو مشهور بالافلام الوثائقية المهمة ، فاجأ الحضور بفيلم وثائقي متقن لم يترك مجالا للشك في صحة معلوماته ،فيلم وثائقي مئة بالمئة كان أبطاله الرئيس نفسه ومعاونوه مثل وزير دفاعه رامسفيلد ووزير خارجيته ورئيس جهاز هوم لاند سكيوريتي وعدد من اعضاء الكونغرس الأمريكيين وبعض الأمهات الأمريكيات اللواتي فقدن أبناءهن في الحرب العراقية أو ما قبلها وآخرين تطلب الفيلم حضورهم.

وقد فوجئنا نحن المشاهدين بكم هائل من الوثائق التي يقدمها لنا الفيلم من الأرشيف سواء حول نشاطات الرئيس الأمريكي قبل أن يكون رئيسا والشركات التي يساهم فيها وشركاؤه الذين كانوا في أغلبهم من السعوديين ومنهم إخوة لاسامة بن لادن نفسه الذي تتهمه الولايات المتحدة بانه وراء أحداث الحادي عشر من سبتمبر .

يبدأ الفيلم باستعراض الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي تنافس فيها ال غور وجورج بوش حيث يوضح الفيلم كيف أن جورج بوش نجح بالتزييف وأن هناك أقارب له كانوا يعملون في قسم الفرز في الكمبيوتر ساهموا في تغيير النتائج لمصلحة جورج بوش الأخ الشقيق لحاكم ولاية فلوريدا .

بعد ذلك يبدأ الفيلم بالحديث عن جورج بوش وهو شاب ويوضح كيف كان يقيم علاقاته مع السعوديين هو وأبوه ويقدم صورا قديمة تجمعه مع رجال أعمال سعوديين منهم إخوة بن لادن الذين كانوا يقدمون له الدعم في الشركات التي يتعرض فيها لخسارة بشراء أسهم كبيرة فيها لإنقاذها من الإفلاس .

وكما يقول الفيلم من خلال الأحداث والصور والوثائق بأن الرئيس الأمريكي كان قد منع بعد الحادي عشر من أيلول أي طائرة من الطيران لعدة أيام لكن الطائرة الوحيدة التي سمح لها بالسفر هي طائرة نقلت مسؤولين سعوديين ورجال أعمال ومنهم إخوة لبن لادن دون أن يفكر الرئيس باستجوابهم على الأقل معرفة أي معلومات تقود إلى بن لادن أو أحد معاونيه . نقلتهم الطائرة في 13 ايلول متوجهين كلهم إلى السعودية بدعوة من الملك فهد .

ثم ينتقل الفيلم للحديث عن جورج بوش قبل الحادي عشر من سبتمبر حيث يشير حسب تقارير البيت الابيض وتصريحات صحفية لبوش انه أمضى 42 بالمئة من الوقت منذ استلامه الرئاسة في العشرين من كانون ثاني 2001 ـ يناير ـ حتى الحادي عشر من أيلول في إجازات شخصية لممارسة الرياضة أو الصيد أو اللهو ، وقد عرض علينا صوره وهو في أماكن اللهو ورده على أحاديث صحافية بأنه ليس بالضرورة أن يكون في البيت الأبيض حتى يتابع عمله . ويسخر مايكل مور من ذلك قائلا طبعا سيتابع حماية الامريكيين وهو يلعب الجولف .

المسالة الأبرز كانت تصريحات بوش تؤكد انه كان ينوي مهاجمة العراق حتى قبل الحادي عشر من أيلول لكن أحداث أيلول أجبرته أن يبدأ في أفغانستان مع أنه كان ينوي مهاجمتها أي العراق حتى قبل أفغانستان . فقد كان رامسفيلد يقول إنه لا يوجد أهداف ذات أهمية لتدميرها في أفغانستان وعندما قال له أحد المسؤولين : لكن العراق ليس له علاقة بأحداث الحادي عشر من أيلول رد قائلا :
ليس مهما كله زي بعضه يعني قالها بالانكليزية

It doesnt matter Its all the same.

اين كان الرئيس يوم الحادي عشر من ايلول

بالصور الوثائقية المصورة على شكل فيلم كان الرئيس الامريكي أثناء الأحداث يزور مدرسة ابتدائية في فلوريدا حيث كان كالعادة في إجازة لزيارة أخيه في فلوريدا ، ورغم أننا شاهدنا أحد معاونيه ينقل له خبر ضرب أول طائرة لأحد البرجين فلم يقطع زيارته واستمر في مكانه

وبعد أن شاهدنا معاونه يخبره عن الطائرة الثانية لم يتحرك وحمل كتابا للأطفال للاطلاع عليه بينما كانت المدرسة السوداء تشرح للتلاميذ الدرس ، ويتساءل المخرج مور هنا هل هذا هو دور الرئيس الأمريكي ؟؟ ألم يعرف أن مهماته الأساسية في البيت الأبيض وليس في الإجازات والرحلات . ألم يعرف أن الأمريكيين انتخبوه ليحمي أمنهم ، ألم يكن لديه ما يقوله في تلك الظروف الصعبة .

ربما أراد مايكل مور أن يقول إن الرئيس الأمريكي لم يكن مهتما أصلا بالأمن القومي الأمريكي بقدر اهتماماته الشخصية ورعاية مصالحه الاقتصادية ، لكن الذي لم يقله مور قاله آخرون وهو أن بوش وإدارته كانت على علم مسبق بأحداث الحادي عشر من أيلول لكنها تجاهلته لكي تجد مبررات مقنعة أمام الشعب الأمريكي وحلفاء أمريكا الأساسيين بشن الحرب على العراق تحت مبررات أسلحة الدمار الشامل التي باعت أمريكا نفسها قسما منها لصدام اثناء حربه مع ايران، وتحت مبررات علاقة العراق ببن لادن ، واخيرا لحرص بوش على تخليص العراقيين من ظلم صدام !

يفضح الفيلم هذه الادعاءات عندما يقدم بالدليل القاطع حجم الأرصدة المالية لعائلة بوش في الشركات المصنعة للدبابات والأسلحة الثقيلة والتي استفادت من شن الحرب لأن هذه الشركات في أمريكا شركات يملكها أشخاص وليس الحكومة، وبهذا تكون شركات بوش أو التي يشارك فيها قد استفادت بمليارات الدولارات من الخزانة الأمريكية .

ويشير الفيلم إلى الاجتماع الذي عقده مسؤولون أمريكيون مع شركات أمريكية كبيرة لكسب تأييدها للحرب حيث بين المسؤولون الأمريكيون مدى الأرباح الضخمة التي سوف يجنونها من الحرب واإادة الإعمار ، وعرض الفيلم صوراً لشخصيات عراقية تقول للأمريكيين لا تهتموا بالخسائر كلها سوف تقبضونها لأن العراق غني ولديه الكثير من النفط .

ثم يتساءل الفيلم وهو يعرض بالصور أقوال رامسفيلد عن أسلحة الدمار الشامل : أين هي أسلحة الدمار الشامل ؟؟ فيضحك كل من في القاعة ، ساخرين من وزير دفاعهم .

مايكل مور يوضح في فيلمه بأنه ليس فقط جورج بوش الكذاب بل الإدارة الأمريكية نفسها حينما يتوجه هو نفسه وبالصور إلى مقر الكونغرس الأمريكي بحيث ينتظر في الخارج أعضاء الكونغرس الامريكي ليعرض عليهم عريضة مطبوعة للتوقيع عليها تطلب من الرئيس تجنيد أبنائهم للحرب في العراق كخطوة للتضامن مع بقية افراد الجيش هناك، لكنه لم يجد عضوا واحدا يوافق بل يهرب الجميع منه . ثم ينتقل لكي يعرض علينا كيف يتم ضم المواطنين للجيش حيث يتم إغراء الفقراء منهم وتشجيعهم بطرق ملتوية، حيث يقول لنا أن هؤلاء الفقراء ومعظمهم من السود هم الذين يحمون أمريكا بينما أصحاب المليارات مشغولون بجمع ملايينهم .

عرض علينا الفيلم قصة امراة أمريكية اسمها ليلى ، وهي أمريكية وليست عربية، يقتل ابنها في العراق في كربلاء ، تبكي وتنوح وهي تحكي قصة ابنها، لتقول إن السبب في مقتله هو جورج بوش وليس بن لادن لان قرار محاربة العراق هو قرار بوش وهو الذي أرسل ابنها هناك بدون سبب . لم ينس مايكل مور أن ينقل لنا بعض أحداث الحرب في العراق وصور الناس القتلى من الأطفال والنساء وامراة عراقية تصرخ: اينك يا رب لقد قتلوا عائلتها بدون سبب قصفوا بيتها دون ان يكون فيه ولو جندي واحد ..

ثم يعرض الفيلم لقاءات كثيرة مع جنود أمريكيين بعضهم يؤيد الحرب وآخرين يرفضونها لكن العبرة الأكبر كانت من جندي أمريكي شاب قتل بعض العراقيين قال بنبرة حزينة : من الصعب ان تقتل شخصا ما دون ان تقتل بعضاً منك !!
Its Hard to kill someone with out killing part of yourself

لقد أراد أن يقول إن قتلهم للعراقيين قد قتل فيهم حسهم الإنساني وحولهم إلى مجرمين حتى لو لم يكن هذا هدفهم .

إن أهمية صدور هذا الفيلم بالذات ومن مخرج مشهور وفي هذا الوقت قبيل الانتخابات الامريكية مهم جدا ، لانه يعرض أمام الشعب الامريكي بالصوت والصورة ومن مخرج منهم وليس عربيا او فرنسيا أكاذيب جورج بوش وإدارته وتدق إسفينا في حملته الانتخابية التي بدات تتراجع وتوضح لهم إن قرار الحرب على العراق كان يهدف إلى جني الأرباح لشركات يساهم فيها الرئيس وأعوانه .

الحضور كان كبيرا جدا وصفق الحضور بشدة للفيلم على غير ما توقعت، وجاء تصفيقهم ليقول نعم بوش كذاب يجب إسقاطه من البيت الابيض .

وفي رد فعل أولي على الفيلم تشير الإحصائيات أنه لاقى نجاحا رهيبا وخصوصا في مدينة نيويورك التي شهدت الأحداث، وتقول الأخبار حتى لحظة كتابة المقال أن مؤيدي الرئيس بوش يحضرون هجوما واسعا على مايكل مور وفيلمه الجديد لتفنيد ما يقولون أنه أكاذيب على الرئيس، لكن كيف تكون أكاذيب على بوش وهي مدعمة بالصور والوثائق وتصريحات كان بوش نفسه قد صرح بها .

تحية للمخرج والكاتب الأمريكي مايكل مور ولعل الأمريكيين ينقذون أمريكا من أكاذيب جورج بوش .


تعقيبك على الموضوع
مشاركة منتدى:
مايكل مور يفضح أكاذيب جورج بوش بالكلمة والصور
الأربعاء ٣ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩
بقلم ساريه المفعول

مهم وجميل ان في احد يهتم لكشف اسرار هذا النجس جورج ولكن مين يصدق ؟؟




الرد على هذه المشاركة

في هذا القسم أيضاً