الصفحة الرئيسيةمقالات ودراسات
النشر الأدبي في الولايات المتحدة
السبت ١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
بقلم عادل سالم

كثيرا ما يصلني استفسار من كتاب زملاء في الدول العربية يستفسرون عن كيفية نشر كتبهم في الولايات المتحدة، معتقدين أن دور النشر هنا تقدم التسهيلات، وتبحث عن كتاب عرب لتترجم كتبهم وتنشرها في الولايات المتحدة، وقد آثرت أن أوضح هذه المسألة للقراء من الكتاب آملا أن يكون ذلك جوابا شافيا.

النشر في الولايات المتحدة أمر بالغ الصعوبة لأنه يتعلق ليس بقيمة النص الأدبي ولكن بقدرة دار النشر على تسويق الكتاب، وتحقيق الأرباح العالية من بيعه، وبيع الكتب للكتاب الأمريكيين غير المشهورين يجد صعوبة كبيرة، لا يقوم فيها إلا دور نشر محدودة التأثير في ولاية هنا أو هناك فما بالك بكاتب عربي لم يسمع به القارئ الأمريكي، ولا يهتم به أصلا.

وبنظرة سريعة فلا يوجد كاتب عربي مقيم في الدول العربية نشرت له دور النشر الأمريكية المشهورة كتابا خلال السنوات التي عشتها هنا، لم أسمع بذلك أبدا. والكتب التي ترجمت للإنجليزية لكتاب مشهورين مثل نجيب محفوظ مثلا كان المشرفون عن الترجمة يطبعون عددا محدودا منها سمعت أنه حوالي ٣٠٠ نسخة فقط (رقم متواضع جدا جدا لا يذكر مقارنة بالملايين التي تطبع للروائيين الأمريكيين) توضع بالمكتبات العامة فقط.

الكتاب العرب الذين نشروا كتبهم كانوا كتابا يعيشون بالولايات المتحدة ويحسبون بأنهم أمريكيون مثل البروفيسور الراحل إدوارد سعيد، إبراهيم أبو لغد، هشام شرابي، وغيرهم قليلون، ولغتهم الإنجليزية قوية، ومقبولة من الأمريكيين. ويخاطبون الأمريكيين بالطريقة التي يفهمونها.

وعندما يقوم كاتب عربي بترجمة كتابه للإنجليزية عليه أن يجد مترجما ملما بالأدب الأمريكي، والثقافة الأمريكية كي تكون ترجمته دقيقة أدبيا وتوصل الفكرة للقارئ الأمريكي، وهؤلاء المترجمون قلة ويتقاضون مبالغ كبيرة، وإلا لكنت أول من ترجم نصوصه للإنجليزية. الأمريكيون ذو عقلية مختلفة عن الإنجليز تماما.

هناك ترجمة تجارية كثيرة لكنها لا تخدم الهدف أبدا.

نعم يمكن للكاتب العربي أن يترجم كتابه للإنجليزية ثم يطبعه على نفقته، لكن من يستطيع أن يوزع الكتاب في دولة مساحتها كمساحة العالم العربي كله؟؟

سيحتاج عاما كاملا ليعرف أين محلات بيع الكتب، وعناوينها ليتصل بها ويقنعها ببيع كتابه وعليه أن يشحن لهم الكتاب على نفقته وينتظر أن يبيعها له صاحب المكتبة هذا إن وافق على استقبال كتبك أصلا، أو وجد من يشتريها.

فبيع الكتاب هنا له شروطه ودعايته، وفن تسويقه وطريقة عرضه وهذا كله مكلف لا يقوم به إلا دور النشر المتخصصة بذلك.

أما إن رغب الكاتب أن يقرأ الأمريكيون إبداعه فلماذا لا ينشره في الشبكة وهي أقل تكلفه ولا تحتاج لكل هذه الإجراءات، لكن أليس الأولى بنا أولا أن نصل بنصوصنا لقرائنا قبل أن نتوجه للأمريكيين؟؟

سأشرح لكم عن عرض الأفلام العربية هنا والتي ينقل الإعلام العربي أخبارها بشكل مصطنع ومضخم يدغدغ مشاعركم.

كثيرا ما تقرأ في الإعلام العربي عن أن فلم كذا تم عرضه في الولايات المتحدة فيعتقد القارئ المسكين أن الفلم العربي المذكور قد عرض في دور العرض الأمريكية التي تصل بالآلاف وأن الأمريكيين يصطفون في طوابير لمشاهدتها.

والحقيقة التي يجب أن تصدمكم أن هذا الفلم يكون قد عرض في دار هنا ودار هناك لبعض المشاهدين العرب وبعض المهتمين لمشاهدة أفلام عربية مترجمة لا غير ولا تعرف دور العرض الأخرى عنها أي شيء.

الذي يجب أن يعرفه قراء العرب أن صاحب الدار ليس هو الذي يحدد أي الأفلام يعرض وأيها يرفض فكل دور العرض الأمريكية المعروفة مرتبطة بعقود مع شركات تمثل هوليوود هي التي تحدد الأفلام التي تعرض ومتى وسعر التذكرة، وأن دار العرض تقبض نسبتها منها، وعادة ما تكون سعر التذكرة عالية في الأسابيع الأولى من العرض ثم يتم تخفيضها بعد فترة. لا يمكن أن تقوم دار عرض ببيع التذكرة بسعر أعلى من المتفق عليه.
هنا الشركات الكبيرة هي التي تتحكم بكل شيء، واللعب خارجها ليس سهلا تذكروا أن المرشحين للرئاسة الأمريكية عادة يكونون حوالي عشرة لكن ما تسمعونه حتى في العالم العربي عن مرشحين اثنين لا غير، ولا أحد يذكر الآخرين بشيء.

شكرا لكم


تعقيبك على الموضوع
في هذا القسم أيضاً