كنت سعيدا جداً عندما دعاني أحد سكان أمريكا الأصليين الذين نطلق عليهم تجاوزا «الهنود الحمر» إلى معبدهم، للمشاركة في أحد الطقوس الدينية التي يقيمونها تعبدا لخالقهم، الذي يعدونه خالق الكون كله. فقد كنت تواقا لمعرفة طريقة عبادتهم فأنا أجهل الكثير عنهم رغم أنني أعيش في بلدهم منذ أكثر من ربع قرن، وكل ما علق بأذهاننا عنهم بقايا مما أراد الرجل الأبيض (المهاجرون الأوروبيون) أن يعلمنا إياه منذ كنا صغاراً من خلال أفلام هوليوود التي رسخت في أذهان الكثير من الناس، أن «الهنود الحمر» كانوا مجموعة من العصابات التي تهاجم الحجاج البيض المسالمين. وطالما كنا نصفق صغارا لعصابات الكاوبوي أثناء مشاهدة أفلام هوليود وهم ينقضون على سكان أمريكا الأصليين، ويقتلونهم.
ذهبت لحضور الطقوس الدينية مع الذي دعاني فإذا بي بعد انتهائها أقرر أن أكتب بحثا قصيرا عنها، وعنهم، وعن وطقوسهم ملقيا الضوء على بعض تاريخهم في الولايات المتحدة الأمريكية .
دعوني في البداية أنقل إليكم الطقوس الدينية التي شاركت فيها لأنقلكم إلى جو جديد عليكم لم تسمعوا به من قبل، لأوضح بعد ذلك الكثير من الأشياء التي يجهلها القراء العرب عن سكان أمريكا الأصليين «الهنود الحمر».
أن تكون في ضيافة سكان أمريكا الأصليين يعني أن تكون في ضيافة شعب بسيط، هاديء ، محب للخير وللآخرين، متسامح رغم الصورة البشعة التي علقت في أذهان الأطفال من الأفلام التي أنتجتها هوليوود عنهم والتي تبرزهم كأنهم مجرد عصابات ومجرمين وبرابرة، مع أن أساس معتقداتهم الدينية تقوم على أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، وهو لا يختلف عما تدعو له الديانات السماوية وخصوصا الدين الإسلامي.
كنت مدعوا لزيارة معبدهم أو مايسمونة ب Sweat Lodge مع عربيين آخرين أحدهما فلسطيني والآخر عراقي.
تسمى الخيمة التي تستخدم لممارسة الطقوس الدينية (الصلاة) بلغة شعب لاكوتا [1] ب (إينيبي). وبالانكليزية تسمى بسويت لادج . انظر النماذج الأربعة من رقم واحد لأربعة عن الإينيبي.
وهي خيمة صغيرة الحجم طول قطرها حوالي 3 أمتار وارتفاعها عن الأرض في الوسط حوالي متر ونصف المتر وهي دائرية ولها مدخل واحد عبارة عن باب صغير لا يمكنك دخول الخيمة منه إلا زاحفا ولهذه دلالة تفيد تذلل الإنسان لخالقه أثناء دخوله للخيمة أو الإينيبي وعليه أن يدخلها من دون لباس ما عدا بنطلون قصير، مثل الشورت، أشبه بكلسون طويل كتعبير عن حالة من الخشوع للخالق عندهم.
يوجد في مدخل باب الخيمة دائرة ترابية موضوع عليها ما يحتاجونه خلال طقوسهم وهو ما يلي:
– القسم العلوي من رأس البافلو –سكالف- (انظر نموذج رقم خمسة)، والبافلو حيوان مقدس لديهم (انظر نموذج رقم 6) ولكنه لا يعبد كما تتوقعون بل يقدسونه، فقد كانوا يعتمدون عليه في حياتهم حيث يأكلون لحمه ويستخدمون جلوده وعظامه وكان اعتمادهم عليه كبيرا جدا. وعلى أعلى رأس البافلو غليون طويل محشو بالميرمية الأمريكية ويوجد رزمة من الحشائش وقرون غزال وأشياء أخرى صغيرة. انظر نماذج من الغلايين المستخدمة والميرمية نماذج من 7 إلى 13.
بعيدا عن الخيمة بحوالي عدة أمتار يوجد نار يتم فيها تسخين الأحجار التي تستخدم في الطقوس وبجانبها نار أخرى عليها وعاء يتم تجهيز الأكل فيه، حيث يتم تناول طعام الغذاء بعد ممارسة الطقوس بشكل جماعي وهو واجب وليس اختياريا.
كان أول سؤال تبادر إلى أذهاننا ووجهناه لمضيفينا : هل هذه الطقوس التي تمارسونها اليوم هي نفسها التي يمارسها كل من نسميهم الهنود الحمر في الولايات المتحدة ؟ وكان الجواب لا.
فهم يمارسون طقوسا تتشابه من حيث الإيمان بالخالق المطلق الذي يسمى بلغة لاكوتا ب واكان تنكا أي الروح العظيمة.
بعضهم يتشابهون في طقوسهم وآخرون يختلفون بعض الشيء لكن تبقى طقوس الخيمة أو السويت لادج أو الإينيبي هي الإطار الأكثر شهرة وانتشارا بينهم بغض النظر عن الاختلاف في الجزئيات الأخرى .
الدخول للخيمة يكون بشكل عراة ، عراة من ملابسهم ما عدا الشورت القصير، ويجلسون على الأرض أي التراب بدون سجادة أو أي شيء آخر ، يريدون أن يكونوا أمام الخالق عراة كما خلقهم، يجلسون على التراب ـ الأرض ـ التي يعتبرونها أمهم ويجلسون بشكل دائري حسب الخيمة.
كنا 19 شخصا داخل الخيمة أو الإينيبي كما يسمونها نجلس بشكل متلاصق لبعضنا بعضا ولا يوجد فراغ سوى دائرة صغيرة تركناها في الوسط علمنا فيما بعد أنهم سيضعون فيها الحجارة الموضوعة بالنار .
نحن لا نعبد النار أو البافلو أو الغليون ـ قالوا لنا ـ نحن نعبد الخالق ويسمونه بالانكليزية Creator الذي أشرنا له سابقا، واكان تنكا Wakan Tanka بلغة شعب لاكوتا أي الروح العظيمة reat Spirit .
بعد أن دخلنا جميعا وكنا شبه عراة مثلهم، بدأ الشخص الجالس في القسم الشرقي من الخيمة أي بجانب الباب بالتحدث، حيث بدء قوله:
إننا هنا للتعبد وللتكفير عن ذنوبنا ولنشكر الخالق على نعمه التي أنعمها علينا .ثم أكمل كلامه قائلا :
بعد قليل سوف نعيش جوا حارا جدا مؤلما، ألمنا يزرع فينا حب الخير للآخرين خارج الخيمة لنشعر معهم. ثم أكمل:
الخالق دعانا للتسامح وللمغفرة . عندما يصادف الواحد منكم شخصا آخر ليبتسم في وجهه ويلقي عليه التحية فقد تكون هذه التحية وهذه الابتسامة سببا في تخفيف معاناة ذلك الشخص وألمه. وتكون قد حققت تعاليم الخالق بيننا.
إن أساء لك أحدهم فلا تحقد عليه، سامحه فقد غفر لنا الخالق الكثير من ذنوبنا.
بعد ذلك أتى الشخص الملكف بالخارج ببعض الميرمية ومررها علينا بدء من الشخص الجالس في الشرق لنشمها ثم نعيدها.
بعدها أعطاه الغليون الطويل المعبأ بالميرمية فاستلمه الشخص الجالس في الجهة الشمالية الذي بدأ يحدثنا عن الغليون بأنه من الرموز الدينية التي بها يمارسون طقوسهم تقربا من الخالق ـ سنشرح ذلك لاحقا ـ وبالنسبة لشعب لاكوتا يعتبر الغليون أهم رمز ديني أثناء ممارسة الصلاة. قال لنا المتحدث:
الغليون ليس مجرد رمز ديني ، إنه إحساس داخلي فنحن نحشوه بالميرمية التي هي أحد النباتات التي أنعم بها الخالق علينا وعندما ندخنها ونرسل الدخان للأعلى فنحن نرسل معه صلواتنا ودعواتنا .
لم يشعل الغليون في المرة الأولى لكنه كان يمرره من شخص لآخر كان كل منا يحمل الغليون من الرأس ويترك القصبة للجهة الأخرى وفي تلك الأثناء يدعو الواحد ما شاء من الدعوات للخالق ليستجيب له.
بعد أن انتهينا من الغليون أعاده الشخص الأخير بجانب باب الخيمة للشخص الواقف في الباب حيث وضعه فوق رأس البافلو الموجود في مدخل الخيمة ثم بدأ بمساعدة شخص آخر بإحضار الأحجار من النار وعددها أربعة حسب الاتجاهات الأربعة، كانت الحجارة أشبه بكرة نار حامية.
الشخص المكلف خارج الخيمة بنقل الأحجار لداخلها يضع الحجر في مدخل الخيمة ثم يقوم أحد الأشخاص المكلف بداخل الخيمة بحمل الحجر بقرني غزال ويضعه في وسط الخيمة قريبا من أرجلنا ولما سألنا لماذا قرون الغزال: أجاب لا لشيئ لكنها غير ناقلة للحرارة.
قبل نقل أي حجر كان الشخص المكلف من داخل الخيمة يفرك قاعدة الغليون في الحجر ويمرر حزمة من الميرمية على الحجر لتنطلق رائحتها في الخيمة ثم ينقل الحجر للوسط وهكذا تم نقل الحجارة الأربعة وثم تم إدخال سطل من الماء ثم أغلقت الخيمة تماما، بحيث أصبحت حالكة السواد من الداخل لا نستطيع أن نرى شيئا ولا حتى أصابع اليدين اللهم الا لون الحجارة الحمراء والتي تشبه كرة حمراء أو شمسا ساعة مغيب.
عشنا نصف ساعة في جو درجة حرارته أكثر من 65 درجة مئوية(150 فهرنهايت)
بدأ أحد الأشخاص الرئيسيين في الحلقة بصب الماء على الحجارة وهو يتحدث بكلمات لا أفهمها تتعلق بتعبدهم، فبدأ البخار الحار يتصاعد ليزكم أنوفنا ويزيدنا حرارة، وبعد فترة أصبحت الخيمة نارا حامية لم أستطع أن أتحملها خصوصا من جهة الوجه فوضعت بشكيرا على وجهي كانوا قد أحضروه لنا لعلمهم على ما يبدو أن بعضنا لن يستطع الصمود، ورغم ذلك كنت أشعر أنني سأفارق الحياة نهائيا فبدأت أدعو الله أن يخرجني سالما ولم أستطع أن أركز ما قالوا. تحدث أربعة منهم واحد من كل اتجاه شرق، غرب، شمال وجنوب . تحدثوا عن الإيمان والتطهر وتحمل الألم للشعور مع الناس.
بعد ذلك بدأوا يغنون أغانيهم الدينية ويقرعون الطبل وهي من الطقوس المهمة في عبادتهم وسنتكلم عن الطبل في ديانات الهنود الحمر لاحقا. درجة حرارة الإينيبي تجاوزت الخمسة وستين مئوية أي أكثر من 150 فهرنهايت وهو ما حذرونا منه مسبقا وطلبوا منا التوقيع على تعهد أننا نعرف ذلك حتى لا يذهب أحدنا إن تضرر ويرفع قضية ضدهم .
مدة الصلاة أو الطقوس حوالي الساعتين تتوزع على أربعة مراحل حسب الاتجاهات الأربعة في الدنيا. بقينا في المرحلة الأولى في الخيمة حوالي نصف ساعة كدت خلالها أختنق فعلا ولا أدري كيف استطعت أن أصبر حتى نهايتها وعندما فتح باب الخيمة وبدأ الهواء يتسلل إلى أنوفنا شعرت بأنني ولدت من جديد وبدأت أنتظر لحظة الخروج لكن أحداً لم يخرج فسألت فقيل لي إنها المرحلة الأولى وسوف يتلوها ثلاثة مراحل مشابهة لكنهم قالوا لي وقد عرفوا ما أريد أن بإمكاني الخروج، فخرجت زاحفا لا ألوي على شيء لأنتظر صديقيّ حتى انتهاء الصلاة .
صديقي العراقي تحمل جولة أخرى ثم انسحب مثلي لكن صديقنا الفلسطيني الثالث فقد خرج بعد الجولة الثانية مع العراقي لكنه عاد في الجولة الرابعة والأخيرة ليقول لنا إنه تحمل أكثر منا جميعا، أما الهنود الحمر في الخيمة فقد صمدوا المراحل الأربعة، فهل يعود ذلك لتعودهم؟
كلا قال أحدهم ولكن لإيمانهم، فالتحمل يتعلق بالدماغ وليس بالجسد وقدرة الإنسان على التحمل تعتمد على مدى إيمانه بما يقوم به واستعداده للتضحية في سبيله.
لا تختلف الجولات الأخرى عن الأولى سوى أن حجارة جديدة يتم إضافتها في كل مرة لتضيف للخيمة حرارة جديدة، وفي الجولة الرابعة يتم إدخال الغليون بعد أن يتم إشعال الميرمية فيه حيث يقوم المتحدث ببدء تدخين الغليون (شفطة واحدة لكل شخص) وينفخ الدخان في الهواء وهو يدعو الخالق له ولأولاده وأسرته الخ، فالدخان المتصاعد حسب قناعاتهم ينقل دعواتهم للأعلى للخالق وعندما جاء دور الفلسطيني قال في دعائه:
أدعو الخالق أن يحمينا ويساعدنا ويساعد الشعب العراقي والفلسطيني في التغلب على الرجل الأبيض الذي قتل الهنود الحمر. فصفقوا له طويلا .
بعد انتهاء الطقوس الدينية يخرج الجميع زاحفين كما دخلوا ليرشوا عليهم الماء كأنهم تطهروا وعادوا للحياة من جديد. ثم يوزع الأكل على الجميع وبذلك تكون قد انتهت الصلاة.
لمحة تاريخية عن (الهنود الحمر)
يطلق هذا الاسم على سكان الأمريكيتين رغم أنهم ليسوا هنوداً ولا حمراً كما يوحي الاسم. وقد أطلقه عليهم الأوروبيون الغزاة منذ اكتشاف كولمبوس للعالم الجديد. ويشير راسل مينز [2] أحد المدافعين عن حقوق الهنود الحمر في الولايات المتحدة في إحدى خطبه، أن كولومبس عندما وصل جزر الكاريبي كان يدرك إنه لم يصل الهند ولهذا أطلقوا على تلك الجزر اسم هندوستان وسماها كولومبوس إندو وتكتب بالطليانية in dio وتعني In God [3]. وفي كلمته التي ألقاها في الاحتفال المليوني الذي عقد في واشنطن للسود (مليون آند مور مان مارش) في 15 أكتوبر عام 2005 قال راسل بأن شعوب القبائل (الهنود الأمريكيين) في الولايات المتحدة شكلوا في الماضي 15 مليون نسمة ولم يبق منهم اليوم سوى مليون ومعظمهم ليسوا من دم هندي نقي.
لسنا هنوداً ولا حمراً
لا يختلف الهنود الحمر في الأمريكيتين في أنهم لا يحبون أن يطلق عليهم الهنود الحمر مع أن هذه التسمية مشهورة أكثر من أي تسمية جديدة أطلقت عليهم. ويجري حاليا دعوتهم رسميا ب سكان أمريكا الأصليين Native Americans وتعود تلك التسمية لما بعد ضم ألاسكا للولايات المتحدة بعد أن اشترتها من روسيا القيصرية قبل أكثر من مائة سنة.
فقد أطلقت نفس الاسم على سكان ألاسكا ـ الهنود الحمر ـ فاحتج السكان بأنهم ليسوا هنوداً ولا حمراً، فاحتار الأمريكيون ماذا يسمونهم حتى اهتدوا إلى تسميتهم بسكان ألاسكا الأصليين. وعليه فقد رأوا أن تسمية سكان الولايات المتحدة بالهنود غير مناسبة أيضا فبدأوا يطلقون عليهم اسم سكان أمريكا الأصليين Native Americans رغم ذلك لا زال الكثير من سكان الولايات المتحدة يسمونهم بالهنود الحمر. وإذا كانت كلمة الحمر توحي بأن سكان أمريكا الأصليين هم حمر فالواقع غير ذلك تماما فالهنود الحمر لم يكونوا بلون واحد ولم يشكلوا كما يقول مؤرخوهم شعباً واحدا ولكن شعوب أو قبائل متنوعة تتحدث لغات مختلفة بلهجات مختلفة تجاوزت المائة . أما الهنود الحمر أنفسهم فيحبون أن يطلق عليهم اسم قبائلهم فشعب لاكوتا يحب أن يقال عنهم أنهم من شعب لاكوتا وشعب الهوكان يحبون أن يسموا بشعب الهوكان الخ أما راسل مينز وحركته فيسمونهم بالهنود الأ مريكيين [4]
لم يكن سكان الولايات المتحدة الأصليين أو الهنود الحمر كما عرفهم الناس يشكلون شعباً واحداً ويتكلمون لغة واحدة، فقد تعددت لغاتهم ولهجاتهم وشكلوا قبائل وشعوبا وهو ما يعرف بالترايب Tribe ويشير كتاب تاريخ الهنود الحمر بأن سكان شمال ما يعرف اليوم بالمكسيك والولايات المتحدة وكندا تحدثوا حوالي مائة لغة وأكثر من 300 لهجة أو ما يسمى ب dialects
[5] ومن اللغات الأساسية كما يقول البروفيسور الأمريكي الأصلي [6] هي:
– هوكان
– بنوتيان
– يوتوأزتكان
– لاكوتا
– الجنكوين
– أثابسكان ( كندا)
– يوكيان
لكن موقع
http://www.native-languages.org
يشير أن سكان أمريكا الاصليين قد تجاوزت لغاتهم الثمانمائة لغة وإن معظمهم يسكنون في أمريكا الوسطى والجنوبية، وفقط حوالي نصف مليون من الأمريكيين الأصليين (الهنود الحمر) يحكون بلغتهم الأصلية في الولايات المتحدة وكندا. وتوجد لغات رئيسية تتفرع عنها لغات على شكل لهجات .
الهنود الحمر إذن شكلوا شعوبا مختلفة تعرضت للمجازر الجماعية من قبل المستوطنين البيض الأوروبيين سواء البريطانيين والفرنسيين ومن رافقهم ممن شكلوا اليوم الولايات المتحدة وكندا، أو المستوطنين الإسبان الذين كانوا يسيطرون على القسم الغربي من الولايات المتحدة في منطقة كاليفورينا والولايات المجاورة التي كانت أصلا تابعة للمكسيك عند استقلال الولايات المتحدة عام 1776 [7].
ولتوضيح مدى الظلم الذي وقع على الهنود الحمر نذكر مثالا ما حل في قبيلة الكاهويلا والتي عاشت في القرن الثامن عشر في منطقة جبلية وصحراوية في جبال برناردينو في ما يعرف الان في منطقة كاليفورنيا، كان عددهم في القرن السابع عشر أي قبل 300 سنة عشرة آلاف بقي منهم في نهاية القرن الثامن عشر بعد هذه السنين الطويلة خمسة آلاف فقط وفي العام 1990 كان عددهم 1276 مواطنا ويعيشون في عشرة تجمعات تسمى رزرفيشن في جنوب كاليفورنيا [8] ، أما قبيلة الشوماش فكان عددهم في القرن الثامن عشر يتراوح بين عشرة وثمانية عشر ألف وهم حسب إحصائيات عام 1990 يشكلون 213 شخص فقط [9]
والبقية إما اندمجوا مع الأوروبيين البيض أو ماتوا بسبب الأمراض التي فتكت بهم أو التي قتلوا بها وقد تكلم الشوماش لغة الهوكان [10].
في العام 1542 تم أول اتصال مع المكتشفين الإسبان عن طريق جوان كابريلو وبارتلوم فيرللو لكن سرعان ما بدأ الإسبان في استعبادهم. [11]
وفي حمى البحث عن الذهب فإن المستوطنين البيض في شمال كاليفورنيا الان قاموا بمذبحة ضد الهنود الأمريكيين من قبيلة اليورك وبعد أن هدأت الأمور أصبح من تبقى من شعب اليورك عمالا لدى المستوطنين الجدد ويتقاضون أدنى الأجور [12].
الغليون الطويل يدعى كنوبا منح حسب ما يرويه الهنود الحمر للشعب من قبل الرب قبل آلاف السنوات ويقول أحد أعضاء شعب اللاكوتا بأن الغليون الأصلي الذي أرسله الخالق لهم لا زال موجودا في حوزتهم.[مقابلة مع جي وولف جرافت من منسوتا، اقرأ المقابلة في الملاحق[]] ويروي الكاتب الأمريكي جوسف براون في كتابه عن الهنود الحمر الذي أسماه الغليون المقدس –انظر نموذج رقم14- حكاية الغليون وسر تقديسه لدى الهنود الحمر.
كان جوسف براون قد استطاع في أربعينات القرن الماضي أن يقنع أحد القبائل بالعيش معهم لفترة من الزمن ليكتب عنهم ما يودون قوله دون تزييف وليشاركهم طقوسهم وحياتهم، وقد نجح في ذلك وعاش في كنفهم عدة شهور عرف الكثير من أسرارهم، لذلك يعتبر كتابه دقيقا وصادقا وينقل الصورة الحقيقية لحياتهم الداخلية. [13]
يقول أحد كبار المسؤولين لدى الهنود الحمر إنه في صباح يوم باكر قبل فصول شتاء كثيرة ـ عدة مئات من السنين ـ (كانوا يقيسون السنين بعدد فصول الشتاء) ، كان رجلان من اللاكوتا في رحلة صيد يحملون أقواسهم وسهامهم ويقفان على قمة جبل ينظران للأسفل بحثا عن صيد ثمين. فجأة لمحا شيئا يتقدم نحوهما بطريقة غريبة وجذابة. وعندما اقترب ذلك الشيء الغامض منهما فوجئا إنه كان امرأة جميلة ترتدي ملابس من جلد الباك Buckskin وكانت تحمل صرة على ظهرها، بدأ أحد الصيادين بالتفكير بشيء سيء تجاه المرأة وحدث صاحبه بها لكن صديقه طلب منه أن لا يفكر بهذه الطريقة لأن هذه المرأة لا بد وأن تكون مقدسة.
اقتربت المرأة منهما وطلبت من الرجل الأول صاحب الأفكار الشريرة أن يقترب منها وعندما امتثل أمامها لف الاثنان سحابة غيم كثيفة وبعد أن انكشفت الغيمة كانت المرأة تقف مكانها وعند قدميها كانت عظام الرجل الشرير والأفاعي الخطرة تأكل به. [14]
اقتربت المرأة من الرجل الآخر وقالت له :
بغض النظر عما ترى اسمع ما سأقوله لك .
أنا هنا من أجل شعبكم، ارجع لقومك وقل للرئيس عندكم (هيه لوكيشا ناجين) أن يعمل على إعداد خيمة (تيبي) واسعة وعليه أن يجمع شعبه أوقبيلته استعدادا لاستقبالي أريد أن أبلغه شيئا هاما.
عاد الرجل إلى قومه وأخبر مسؤول القبيلة عما سمعه، وعلى الفور أمر الرئيس بهدم عدة خيم ومن جلودها صنع خيمة كبيرة ووجه الدعوة لكل أهل القبيلة للحضور بعد أن شرح لهم الخبر المفرح بأن امرأة مقدسة مرسلة من الروح العظيمة سوف تزورهم.
بعد انتهائهم من بناء الخيمة الجديدة –تيبي- بدأ شيء غامض من بعيد يقترب منهم وفجأة دخلت المرأة الجميلة الخيمة ووقفت أمام الرئيس، أنزلت صرتها عن ظهرها وحملتها بيديها الاثنتين وقالت للرئيس وهي تقدمها له: امسك هذه الصرة –انظر نموذج رقم 16- وقدسها إنها مقدسة جدا (ليلا واكان)، لا يجوز لغير الطاهرين أن يروا ما بهذه الصرة. يوجد فيها غليون مقدس، ومن خلال هذا الغليون المقدس سيكون بإمكانكم أن ترسلوا أصواتكم إلى الروح العظيمة (الخالق) (واكان تنكا) أبوكم وجدكم.
أخرجت المرأة الغليون من الصرة وقالت له: بهذا الغليون المقدس ستمشون على الأرض (أمكم) و (جدتكم) المقدسة وفي كل خطوة تمشونها على الأرض ستكون بمثابة صلاة. ثم بدأت تشرح لهم طقوس استخدام الغليون لإرسال صلواتهم ودعواتهم للخالق وكان أهم ما قالته:
– إن فتحة الغليون السفلى مصنوعة من الحجر الأحمر وإن الأرض التي وهبها الخالق لكم حمراء وطريقكم حمراء ويومكم أحمر.
– عليكم أن لا تنسوا إن كل فجر جديد هو مقدس وكل يوم جديد يحمل معنى مقدسا وإن ضوء الخالق (الشمس) مقدسة وإن كل الناس الذين يعيشون فوق الأرض لهم حرمتهم المقدسة وعلى هذا الأساس يجب التعامل معهم.
بعد محاضرتها الطويلة بدأت المرأة تعد عدتها للرحيل لكنها قبل أن ترحل قالت للرئيس للمرة الأخيرة:
احتفظ بهذا الغليون المقدس وتذكر بأن فيّ أنا أربعة أجيال (أزمنة)، سأغادر الآن وسوف أرعى شعبك كل زمن وفي النهاية سأعود.
بعدها غادرت الخيمة بعد أن مشت مسافة قصيرة، نظرت للناس خلفها ثم جلست بين النباتات المنتشرة هناك وعندما وقفت من جديد استغرب الناس بأنها تحولت إلى بافلو صغيرة حمراء وبنية اللون، وبعد أن سارت مسافة أطول اختفت مرة أخرى بين النباتات ولما وقفت نظرت للناس من بعيد فإذا بها بافلو بيضاء ثم سارت قليلا وجلست وعندما نهضت صارت سوداء وبعد أن سارت مرة أخرى وقفت ثم أشارت للاتجاهات الأربعة واختفت من فوق الجبل.
يؤمن الهنود الحمر بأن البافلو في كل مرحلة أو زمن يكون في الجهة الغربية لمنع الماء من الفيضان وإنه كل سنة يخسر شعرة من جسده وفي كل مرحلة يخسر رجلا واحدة وعندما يخسر جميع أرجله تتدفق المياه لتحدث فيضانا وليبدأ مرحلة جديدة أو ما يسمى بنيو سايكل New Cycle وهم لا يختلفون بذلك كثيرا عن معتقدات الهندوس في دولة الهند . [15]
يعتبر شعب لاكوتا أن الطبل عندهم مقدسة ويهتمون بها كثيراً وهي جزء من طقوسهم وشعائرهم كما قال متحدث المعبد، فهي تعني كل شيء على الأرض ، الناس ، علاقاتنا مع بعض ، العشب ، الشجر ، الحيوانات ، الطيور والماء والهواء والنار والرياح وهي من كل هذا وذاك ولهذا لها صوت وطاقة.
للطبل أربعة مغنيين عادة ما يكونون من أعمار مختلفة مهمتهم الغناء في الصلاة ،وإرسال اصواتنا إلى الخالق .
هم يؤمنون بأن الطبل يحب الحياة ، الروح ، الإحساس بالحياة ولمن يغنون معها . الطبل ضربات قلب الأمة ، إنها تمنحنا القوة، بالطبل نغير حياة الناس .
غناؤنا ليس للطرب إنه أقرب للنشيد ، ندعو فيه الخالق ونشكره على نعمه وهم عادة لا يطلبون الكثير من الخالق لأنهم يشعرون أنه منحهم أشياء كثيرة يستحق أن يشكروه عليها، فهم يؤمنون بأن هناك أربعة اتجاهات في العالم –انظر نموذج رقم 17- وإن روح الخالق تتوزع في هذه الاتجاهات يسمونهم الأجداد ولكل اتجاه رمز معين . هذه الاتجاهات تحمل صلواتنا للخالق. [16]
البكاء من خلال الرؤيا
Crying for a vision
في لغة الهنود الحمر (هانب ليشيابي)
Hanblecheyapi
البكاء خلال الصلاة أو إقامة الشعائر الدينية أو السمو الروحي من الطقوس التي مارسناها قديما حتى قبل أن يرسل الخالق لنا الغليون وكم بكينا نحن البشر خلال السنين الماضية القديمة.
كلنا نحن البشر بكينا تذللا، وكل من يريد البكاء تذللا عليه أن يسأل راهبا (رجل دين) مؤمنا يسمونه بلغتنا (ويشاشا واكان) ليدله على الطريق الصحيح حتى لا يذهب بكاؤه سدى، لإن الطقوس إذا لم تتم بالشكل الصحيح فقد يأتي نوع من الأفاعي وتلف نفسها حول الشخص الذي يبكي للرؤيا.
لدينا راهب أو قديس يدعي الحصان المجنون كان يبكي للرؤيا عدة مرات في السنة واستمد بذلك قوة كبيرة من الحصان والنسر والصخور.
أهم شيء في التعبد هو التأمل بالكون والخالق وعادة يتم في الجبال وهي طقوس تمارس عند الحرب مثلا أو للطلب من الخالق أن يشفي مريضا وفي هذه الطقوس نصلي للروح العظيمة لتمنحنا المعرفة لأنها مصدرها وأهم شيء فيها.
نساؤنا أيضا يمارسن التطهر في الإينيبي حيث يتم مساعدتهن من قبل نساء أخريات ولا تترك النساء يتعبدن فوق رؤوس الجبال بعيدا عن المخيم لأنهن بحاجة لحماية.
عندما يقرر شخص ما إنه يريد التطهر أو اللامنت، فأن عليه أن يأتي بالغليون المقدس ويذهب لأحد الرهبان في المخيم أو القبيلة يدخل عليه الخيمة وهو يحمل الغليون، حيث يكون اتجاه جورة الغليون باتجاه الشخص وقصبته باتجاه الرجل الراهب أو العجوز ويكون الغليون معبأ بالميرمية. يجلس الشخص أمام الراهب يرفع الغليون بعد أن يرفع يديه للسماء ويقول له إنه يريد التطهر وإنه يطلب من الراهب أن يساعده ويقدم الغليون قربانا للروح العظيمة والتي يسمونها كما ذكرنا سابقا (واكان تنكا).
وتبدأ بعد ذلك الطقوس لتعميده التي يطول شرحها وتنتهي بتعميد الشخص الجديد.
والطقوس المذكورة حسب معتقدات الهنود الحمر تساعد في إيصال الإنسان بالخالق من خلال ما يراه وهو في حالة خشوع وتذلل وبكاء وتأمل حيث يتصل به الخالق من خلال الرؤيا ويصبح ما يسمعه الشخص المتعبد بمثابة رسالة لقومه ويقولون أنه ليس كل شخص يصل لمرحلة الرؤيا.
فإن كان المتعبد يتعبد خالصا للرب بعقله وبقلبه وصافي النية سيصبح رجلا مقدسا. وعندما يتعبد لاحقا ترسل له الروح العظيمة بعض قوتها وسيعصم من الخطأ. وقد تأتيه رؤيا بعد ذلك لخدمة الأمة، فالروح العظيمة تساعد أولئك الذين يبكون لها تذللا بقلب خالص. [17]
وآخر ما وصلنا رسميا عن مرحلة الرؤيا:
في 15 حزيران ـ يونيو 1799 ـ كان أحد زعماء الهنود الحمر يدعى شنيكا وترجمتها عن لغتهم (البحيرة الجذابة) مريضا وعلى وشك الموت، وقد أصيب بحالة إغماء متواصل (كوما) واعتقدوا أنه مات لكنه بعد ساعات عاد للحياة وقال لهم إنه تم زيارته من قبل ثلاثة من الأرواح المقدسة والذين أنذروه من شرب الخمور والشعوذة، وبدأ يطالب بوقف شرب الخمور، وانتشرت رسالته آنذاك بين الأمريكيين البيض مما أدى إلى دعوته لزيارة الرئيس الأمريكي جيفرسون في البيت الأبيض الذي كتب عام 1802 لشعب الأيروكيس (شعب الراهب شيكا وهم أحد شعوب الهنود الحمر الرئيسيين) يطالبهم باتباع النبي الجديد وتعاليمه. [18]
من الرقصات الشهيرة لدى شعوب الهنود الحمر رقصة الشمس والتي تسمى بلغة لاكوتا ويوانياك واشيبي وقد وصلت لهم عن طريق شخص أصبح قديسا فيما بعد اسمه كبلايا وتعني Spread حيث كان في أحد المرات يرقص وحيدا بعيدا عن مجلس الرجال ويداه مرفوعتان للسماء، والحبل الذي يلف وسطه ساحل إلى الأدنى، فاعتقد الرجال أن كبلايا أصبح مجنونا فأرسلوا له رجلا يستوضح الأمر لكنه التحق بكبلايا بالرقص فاستغرب الجميع وتحركوا يستوضحون الأمر بأنفسهم، فشرح لهم كبلايا بأن تلك الرقصة والتي سماها رقصة الشمس أوحيت له من خلال الرؤيا من الخالق واكان تنكا وشرح لهم كيف يمارسونها وقال لهم في ختام الطقوس:
إن الفجر والشمس ونجوم الصباح وكل نجوم السماء أقارب لكم. [19]
عندما تأتي البنت الدورة الشهرية للمرة الأولى يصبح لزاما عليها في عرف الهنود الحمر المرور عبر طقوس معينة للتطهر ولتأهيلها للمرحلة النسوية. حيث سيكون بإمكانها بعد ذلك أن تلد رجالا طاهرين ويجب أن تحرص البنت أو أهلها على أن تمر بمراحل التطهر النفسي المقرة من قبل الروح المقدسة التي عرفناها من خلال الرؤيا.
في الماضي البعيد وقبل أن يبدأ الهنود بممارسة طقوس إعداد البنت للمرحلة النسوية كانت البنت عندما تأتيها العادة الشهرية تنقل إلى بيت منعزل عن المخيم أو القرية ويسمي الهنود بيوتهم عادة ب تيبي حيث تشرف عليها امرأة طاهرة ومقدسة وهي المسؤولة عنها وعن طعامها وملابسها ويمنع أحد من الاقتراب منها.
عند تشعر البنت بالعادة الشهرية وتبلغ أمها يذهب أبوها حاملا الغليون المقدس لأحد القديسين أو الرهبان إن جازت التسمية ويعلمه بالخبر ويطلب مساعدته، فيطلب منه الرجل المقدس أن يبني بيتا (تيبي) والمصنوع من جلد البافلو ويحضر معه أدوات الطقوس وهي:
– بافلو سكالف
– كأسا من الخشب
– بعض الكرز
– ماء
– عشبا حلوا
– ميرمية
– غليونا
– بعض التبغ
– حجارة ـ ستون هاتشت
– سكينا
– دهانا أزرق وأحمر
– وأشياء أخرى
يقوم الأب بتقديم بعض الحصن والهدايا للرجل المقدس وتقام بعد ذلك الاحتفالات الدينية في داخل التيبي بحضور البنت وبعض المقربين، وتتم الصلاة لكل الاتجاهات والدعوة للروح المقدسة بعد أن تظهر في التيبي ـ الخيمة ـ البافلو البيضاء والتي لا يراها إلا الرجل المقدس وتعطي الإذن لهم للبدء بطقوسهم. وخلال المراسم يجري تعبئة الغليون بالميرمية والتبغ وتدخينها في كل اتجاه وفي الختام تظهر البافلو البيضاء مرة أخرى لكن لا يراها إلا الأكثر قدسية وطهارة ثم يقوم الرجل المقدس المسمى سلو بافلو بالنشيد ثم ينفخ من فمه عدة نفخات كالشرار الأحمر في وجه الفتاة لمدة ست مرات بعد أن ينطق كلمة هاااه ممدودة – كما تصدر عن البافلو-
بعد ذلك تنتهي الطقوس ويتم توزيع الكرز وإطعام قطعة لحم من البافلو للمرأة الجديدة [20].
لقاء مع وولف جي جرافت من منسوتا
(من شعب اللاكوتا)
أحد المصلين من الهنود الحمر
– ماذا تعني كلمة لاكوتا ؟؟
– هي واحدة من اللغات التي كان يتحدث بها من يطلق عليهم تسمية الهنود الحمر من سكان أمريكا الأصليين . هناك لغات تستخدم نفس الكلمات والألفاظ لكن معانيها تختلف من قبيلة لأخرى .
– كيف كان يتعامل الهنود الحمر مع بعضهم مع اختلاف اللغات ؟؟
– باللغة الصامتة وأحيانا بالإشارات والحركات وأحيانا كان ثمة من يجيد أكثر من لغة .
– هل يقيم الهنود صلواتهم مرة كل أسبوع مثلا ؟
– لا ليس لهم وقت محدد ، عادة تقام في المناسبات مثل زواج أو ولادة الخ فلم يوجد قديما لدى الهنود تقسيم للأسبوع والأيام .
– هل طقوس الهنود الدينية واحدة ؟
– لا طبعا ، ولكنها تصب كلها في نفس الهدف عبادة الخالق أما الطقوس وطرق الصلاة قد تختلف بين قبيلة وأخرى ، حتى الديانات الأخرى هناك اجتهادات واختلافات في تطبيق شعائرها، في المسيحية مثلا والإسلام الخ. نحن نعتبر كل شيئ حولنا مقدس ، نحن أقارب وننتمي لكل ما هو حولنا من حيوانات ونباتات وتراب وحجارة وحتى الروح ، كلهم أصدقاء . من خلال الاشياء يمكننا رؤية الخالق أو نسمعهم يقولون لنا ماذا يريد منا . فالماء والنار والحجارة مثلا مقدسة جدا يمكنهم خدمتنا مثل الإنسان لنقل صلواتنا للخالق.
– لماذا تقيمون طقوسكم في الخيمة ؟؟
– أولا لا نسميها خيمة وإن كانت شبيهة بها ، نحن نسميها إينيبي ومعناها لتحيا ، لتحيا مرة أخرى . في هذا المكان (الإينيبي) نكون مع أمنا الأرض في لحظات بطيئة روحية نخرج وندخل هذا العالم . الطقوس التي نمارسها ليست بدون معنى فكل ما نمارسه له معان عندنا. فالطبل والأغاني والصخور ، وما نضعه عليها ، وطريقة إدخال الصخور ، وطريقة بناء الإينيبي حتى كيفية إشعال النار في ذلك اليوم .
– كيف تشعرون وأنتم تتصلون بالخالق ؟
– نكون في حالة خشوع تام متطهرين وبسطاء .
– لماذا تستخدمون قرني الغزال في حمل الأحجار الساخنة أثناء الطقوس الدينية ؟
– لأن قرون الغزال كانت متوفرة لدينا بكثرة في الماضي ونستخدمها حتى لا نحرق أيدينا عندما نحمل شيئا ساخنا .
– هل يقيم الشباب من الجيل الجديد الطقوس الدينية كما كنتم بالسابق؟؟
– نعم ولكن قد يحدث لا مبالاة كما في الديانات الأخرى .
– ألديكم كتاب مقدس ؟
– لا فطقوسنا وعاداتنا تنتقل من جيل إلى جيل بالنقل الشفوي .
– ألديكم رهبان ورجال دين ؟
– نعم في كل قبيلة يوجد رهبان ورجال دين نسميهم ماديسين أو شامان ، Shaman , Madison .
– ألديكم سن معين للأطفال للبدء بممارسة هذه الطقوس ؟؟
– من العاشرة تقريبا .
– لماذا تستخدمون الميرمية في طقوسكم ؟
– إنها تعني الكثير لنا فهي رمز من رموز الطبيعة التي كانت تنتشر في مناطقنا وهي نعمة من نعم الخالق .
– كيف كنتم تمارسون طقوس الزواج في الماضي ؟
– يقوم الرجل الذي يرغب في الزواج من الفتاة بإهداء عدة خيول لأبيها ويقول له أريد الزواج من ابنتك ، وعلى الأب أن يوافق أو يرفض وعادة لا ترد الخيول إذا رفض الأب .
– لماذا تضعون رأس البافلو خارج الخيمة أثناء ممارسة الطقوس الدينية في الخيمة ؟؟
– البافلو من أهم أسلحتنا فهو غذاؤنا الرئيسي وننتفع بجلوده وعظامه وقرونه .
– هل كنتم تؤمنون بالصداقة بين الرجل والمرأة كما هو الحال الآن ( جيرل فرند) ؟؟
– لا طبعا لكن الحياة الجديدة وانخراطنا في مجتمع آخر ترك بصماته على أجيالنا الجديدة وفقدنا الكثير من قيمنا وحضارتنا .
– هل هناك صخور معينة تستخدم للنار أم تستخدمون أية حجارة ممكنة ؟؟
– نعم يوجد حجارة من نوع لافا Lava Rocks
– هل تحاولون إقناع الناس بطقوسهم وبدينكم ؟
– لا فهي طقوس خاصة بنا فقط ولكنا ندعو أحيانا بعض الضيوف للاطلاع على طقوسنا ومشاركتنا دعواتنا . ودعوة الضيوف فقط مرة في الشهر أو في السنة ؟
– ماذا تغنون عندما تصلون ؟
– نشكر الخالق على نعمه ، كلها أناشيد شكر للنعم التي أنعم الخالق علينا بها .
– لماذا تستخدمون الطبل أو الطبلة ؟؟
– هذه تحتاج لشرح دعني أعطيك محاضرة عن الطبلة.
– كم عدد السكان الاصليين للأمريكيتين (الهنود الحمر مجازا) قبل الاكتشاف الأوروبي ؟
– من الصعب تقدير عددهم ، لكن قبل حوالي 200 إلى 300 سنة كانوا حوالي مليونين ونصف وعددهم الآن في القارة الشمالية حوالي مليونان موزعون على عدد من المجموعات أو القبائل.
– كم قبيلة أو Tribe كان الهنود الحمر يشكلون ؟
– حوالي 1500 قبيلة .
– عدد اللغات التي كانوا يستخدمونها ؟
– يوجد ثمانية لغات أصلية وتفرع عنها حوالي مائة لغة متفرعة وكثير من اللهجات المختلفة .
– سمعنا في حلقة خاصة بالتلفزيون من متحدث هندي أحمر أن الأوروبيين قتلوا منكم خلال الصراع مع البيض 15 مليون مواطن .
– العدد غير دقيق ، حسب التقديرات الرسمية مات في الحروب خمسة ملايين نسمة ، ومات عدة ملايين منهم ممكن نفس العدد من الأمراض التي حلت بهم ـ الجدري ـ Chicken box
– هل وجهت اتهامات للبيض بأنهم وراء نشر الأوبئة .
– نعم فقد وجدت بطانيات كان يتركها الجيش الأبيض واتضح فيما بعد أنها كانت مليئة بالجراثيم الناقلة للمرض . والأهم أننا لم نعرف هذه الأمراض قبل انتقال البيض من أوروبا إلى أمريكا.
– هل يمكن اعتبار الهنود الحمر كلهم شعب واحد ؟
– لا أستطيع الجزم بذلك . من ناحية الشكل لا ليس كلهم متشابهون فمنهم من هو أبيض ومنهم من هو أقرب للأسمر ومنهم من هو أقرب للأحمر ومنهم قصار القامة ـ قبائل محددة ـ لذلك لا يوجد ما يوضح ذلك .
– هل كانوا جميعا يؤمنون بنفس المعتقدات ؟
– تقريبا في نفس الإطار العام ربما تختلف بعض الطقوس لكن يؤمنون في الإطار العام بالخالق المسمى Great Spirits ويقيمون الطقوس التي تقام في الخيمة ربما مع اختلاف بسيط ببعض الطقوس واستخدامها .
– ما هو نوع الريش الذي يستخدمه الهنود الحمر على رؤوسهم؟
– ريش النسر.
– ما هي نسبة الذين بقوا يمارسون طقوسهم؟
– من الصعب حصرها ذلك أن الإحصائيات الرسمية الأمريكية والكندية لا تسجل عدد الذين يتحولون منهم للمسيحية وعند الولادة لا يسجل دين المولود لكن معلوماتي تشير أن بعض المناطق تحولت غالبيتها للمسيحية خلال العقود الماضية. وفي مناطق أخرى بقي قسم كبير يمارس طقوس الهنود الحمر القديمة ، وهناك خليط يقول إنه مسيحي لكنه يمارس بين الفينة والأخرى الطقوس الهندية الأمريكية الأصلية.
– وماذا عنك؟
– أنا من الذين اعتنقوا المسيحية وأنتمي لكنيسة الميثودست. نحن من القبائل التي رحلت في الماضي لتسكن مناطق وسكنسن بعد الاستقلال الأمريكي عن بريطانيا وقد تم افتتاح كنيسة كبيرة تبشيرية قريبا منا فأثر ذلك علينا لاحقا .
– خلال محاضرتك قلت إن بعض المستثمرين البيض في نيويورك بعد الاستقلال أجبروا الهنود الحمر على بيع أراضيهم والرحيل عن الولاية؟
– في كل مرة كان الهنود الحمر يتعرضون للترحيل القسري بحجة الإعمار وكان هدفهم إبعادنا عن الأماكن الهامة وإقصاءنا عن الأنهار ومصادر المياه .
نعم سكان نيويورك من أبناء شعبي عرض عليهم أن يبيعوا أراضيهم وعندما رفضوا أجبروهم على ذلك، وقالوا لهم سندفع لكم ثمنها وننقلكم إلى مناطق جديدة . عرضوا علينا في البداية مناطق ولاية كانساس في الجنوب لكننا رفضنا بعدما زار وفد منا المنطقة واطلع عليها فعرضوا على أجدادنا مناطق في ولاية وسكنسن فهاجر شعبنا إلى هناك. لكن أثناء الرحيل انقسم الهنود الحمر الراحلون إلى قسمين قسم ذهب إلى وسكنسن وآخرون انتقلوا إلى ما يعرف اليوم بولاية إلينويس، وهم من عرفوا باسم شعب الموهاك، وكان ذلك عام 1820.
1- شعب لاكوتا واحد من الشعوب التي ينتمي لها الهنود الحمر في الولايات المتحدة وقد عاشت في المنطقة التي تقام عليها الان ولاية سوث ونورث داكوتا.
2- راسل مينز
ولد راسل مينز عام 1939 في مدينة أوجلالا في لاكوتا، وتقع اليوم في ولاية داكوتا. برز كناشط في سبيل حقوق الأمريكيين الأصليين أو المعروفين بالهنود الحمر أو من يسميهم هو بالهنود الأمريكيين.
في ستينات القرن الماضي عمل في حركة الهنود الأمريكيين وترأسها فيما بعد. سافر لدول كثيرة أثناء عمله في الأمم المتحدة لمدة 12 عاما وألقى مئات المحاضرات التاريخية حول حقوق شعوب القبائل التي ينتمي لها وما تعرضوا له من مجازر، فقد حاضر في معظم الجامعات الأمريكية المعروفة وشارك في جامعات في إنجلترا وسويسرا وكوريا واسبانيا الخ.
راسل مينز مناضل من أجل حقوق الإنسان وكاتب وفنان أصدر ألبومين غنائيين وألف عدة كتب أشهرها
Where White menfear to tread
وقد صدر منه عدة طبعات وقد عمل في هوليوود لفترة من الزمن ومثل العديد من الأفلام فيها.
أشهر خطبه كانت عام 1980 بعنوان : " لكي تعيش أمريكا يجب أن تموت أوروبا"
3- - http://russellmeans.com/speech.html
4- نفس المصدر السابق
5- موسوعة الهنود الحمر الرسمية ص 120
Encyclopedia of Native American Tribes
Revised Edition
C.Waldman
Checkmark 1999
6- روبرت بولس Robert Powless متخصص في تاريخ (الهنود الحمر) أو شعوب القارة الأمريكية قبل الاكبشاف الأوروبي
7- نفس المصدر السابق
8- المصدر الخامس ص 158
9- نفس المصدر السابق
10- نفس المصدر السابق
11- نفس المصدر السابق
12- نفس المصدر رقم 6
13- مقابلة مع جي وولف جرافت من منسوتا
اقرأ المقابلة في الملاحق
14- كتاب الكاتب الأمريكي جوزف براون
انظر المرجع رقم 2 في مقدمة الكتاب.
15- نفس المصدر السابق، الفصل الأول.
16- نفس المصدر السابق
17- نشرة رسمية عن معبد الهنود الحمر
أكد الرواية البروفيسور روبرت في لقاء معه.
18- نفس المصدر رقم 14
19- No. American Indians- Kehn
Second edition 1992
20- المصدر 14 – الفصل الخامس
21- نفس المصدر السابق ص 116
هذه اللغات الرئيسية لجميع السكان الأصليين في كل الأمريكيتين وليس في الولايات المتحدة وحدها
1- الدكتور روبرت بولس Robert Powless متخصص في تاريخ (الهنود الحمر) أو شعوب القارة الأمريكية قبل الاكبشاف الأوروبي.
2- كتاب الكاتب الأمريكي جوسف براون وعنوانه
The Sacred Pipe
Joseph Epes Brown – 1953
3- مقابلة مع جي وولف جرافت من منسوتا J. Wolf Graffit
4- موسوعة الهنود الحمر الرسمية
Encyclopedia of Native American Tribes
Revised Edition
C.Waldman
Checkmark 1999
5- No American Indians – Kehoe
Second edition 1992
6- http://russellmeans.com/speech.html
موقع راسل مينز
7- http://www.native-languages.org
مرفق مع النص المنشور نسخة من الدراسة في ملف بي دي إف يمكن للراغبين تحميلها، وقراءتها في أي وقت أو توزيعها كما هي دون حذف أو زيادة.
عادل سالم
[1] شعب لاكوتا واحد من الشعوب التي ينتمي لها الهنود الحمر في الولايات المتحدة وقد عاشت في المنطقة التي تقام عليها الان ولاية سوث ونورث داكوتا.
[2] 2- راسل مينز
ولد راسل مينز عام 1939 في مدينة أوجلالا في لاكوتا، وتقع اليوم في ولاية داكوتا. برز كناشط في سبيل حقوق الأمريكيين الأصليين أو المعروفين بالهنود الحمر أو من يسميهم هو بالهنود الأمريكيين.
في ستينات القرن الماضي عمل في حركة الهنود الأمريكيين وترأسها فيما بعد. سافر لدول كثيرة أثناء عمله في الأمم المتحدة لمدة 12 عاما وألقى مئات المحاضرات التاريخية حول حقوق شعوب القبائل التي ينتمي لها وما تعرضوا له من مجازر، فقد حاضر في معظم الجامعات الأمريكية المعروفة وشارك في جامعات في إنجلترا وسويسرا وكوريا واسبانيا الخ.
راسل مينز مناضل من أجل حقوق الإنسان وكاتب وفنان أصدر ألبومين غنائيين وألف عدة كتب أشهرها
Where White menfear to tread
وقد صدر منه عدة طبعات وقد عمل في هوليوود لفترة من الزمن ومثل العديد من الأفلام فيها.
أشهر خطبه كانت عام 1980 بعنوان : " لكي تعيش أمريكا يجب أن تموت أوروبا"
[4] نفس المصدر السابق
[5] موسوعة الهنود الحمر الرسمية ص 120
Encyclopedia of Native American Tribes
Revised Edition
C.Waldman
Checkmark 1999
[6] روبرت بولس Robert Powless متخصص في تاريخ (الهنود الحمر) أو شعوب القارة الأمريكية قبل الاكبشاف الأوروبي
[7] نفس المصدر السابق
[8] المصدر الخامس ص 158
[9] نفس المصدر السابق
[10] نفس المصدر السابق
[11] نفس المصدر السابق
[12] نفس المصدر رقم 6
[13] كتاب الكاتب الأمريكي جوزف براون انظر المرجع رقم 2 في مقدمة الكتاب.
[14] نفس المصدر السابق، الفصل الأول.
[15] نفس المصدر السابق
[16] نشرة رسمية عن معبد الهنود الحمر أكد الرواية البروفيسور روبرت في لقاء معه.
[17] نفس المصدر رقم 14
[18] No. American Indians- Kehn
Second edition 1992
[19] المصدر 14 – الفصل الخامس
[20] نفس المصدر السابق ص 116
التاريخ | الاسم | مواقع النسيج | مشاركة |