ما آلت إليه القضية الفلسطينية تفرض علينا أن نتوقف قليلا عن الشتائم، وكيل الاتهامات وتحميل المسؤوليات، وتبرئة أنفسنا من نحن فيه، ولنبحث عن حل عملي، وليس حلا نظريا يسهل خطه على الورق. كلنا مسؤولون عن هذا الوضع.
بداية علينا الاعتراف أن سبب استمرار نكبتنا، وتراجع قضيتنا يعود بالأساس للاحتلال الصهيوني أولا، وللقيادة الفلسطينية ثانيا تلك التي وقعت اتفاقية أوسلو فقدمت المبرر العلني للعرب كي يطبعوا مع إسرائيل ويتخلوا عن دعمهم العلني للقضية الفلسطينية، وتخلت عن كل الثوابت الفلسطينية التي كانت ترفعها، وجعلت من التطبيع حوارا مع عدونا، وشاركت في مؤتمرات الحركة الصهيونية في هرتسليا بكل وقاحة، وشرعنت التنسيق الأمني، واعتقال المقاومين إلخ من الإجراءات التي لا تجهلونها أبدا.
إن القيادة الفلسطينية، ومعها الحكام العرب المرتبطين بالمشروع الصهيوني أنصار كامب ديفيد، ووادي عربة، واتفاقية أوسلو هم أصل البلاء، وهم الذين يجب أن تتوجه سهامنا إليهم، وليس إلى أشخاص ليس لهم علاقة بصنع القرار، ولم يسمع بهم أحد غير أصدقائهم، ولا يؤثرون بالمشهد السياسي. وليسوا هم سبب نكبتنا، وما نحن فيه، ليسوا هم من وقع أوسلو، ليسوا هم من شرعن المشاركة في مؤتمر هرتسليا.
كل قيادات الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير شاركت بشكل أو بآخر بهذه المهزلة فبعضها وافق على اتفاقية أوسلو، وآخرون استفادوا من اتفاقية أوسلو فأعادوا بعض قيادييهم للداخل حسب اتفاقية أوسلو، ولولا أوسلو لم يعد أحد منهم مهما كانت مبرراتهم. عودتهم أحبطت المواطن الفلسطيني العادي الذي شاهد قيادات العمل الوطني تعود إلى فلسطين لتفتتح مكاتب علنية لها برام الله بينما هو كمواطن لم يقم بأي عمل ضد الكيان الصهيوني لا يسمح له بالعودة، بل لا يسمح له بالزيارة، وإذا أراد التقدم بطلب فيزا للزيارة يتهم بالتطبيع بينما يرى من كانوا يعدونه بتحرير كل فلسطين، ومن كانوا قدوة له يعودون ويتركونه وحده.
هذا العمل خرب المفاهيم الوطنية، وأحدث خللا ما زال قائما حتى الآن في ساحة العمل الوطني الفلسطينية.
الحركة الوطنية الشعبية الفلسطينية من خارج فصائل العمل الوطني تشرذمت، وتسابق بعضها ليظفروا ببعض امتيازات السلطة، والبعض تقاعد ردا على هذا الانحراف، وتوجه نحو قضاياه الخاصة، وابتعد عن العمل الوطني، والبقية الباقية عجزت عن تقديم البديل، وإخراج الساحة مما هي فيه. فاكتفت بنقد هذا، وتوبيخ ذاك دون أن يكون بمقدورها التأثير في مجريات الأمور فأصبحت تغني وحدها في ليل مظلم حالك السواد.
نحن أمام وضع كارثي، والمصالحة الفلسطينية بالمقياس الوطني انتصار لفريق أوسلو على الفريق الآخر، ولا يوجد في الأفق ما يبشر بنهوض وطني، بل بمزيد من التراجع، ومزيد من الاستيطان، ومزيد من التشرذم.
ما الحل؟ هذا ما يجب أن نركز عليه، ما الذي علينا عمله لننهض مما نحن به؟ لنتوقف عن الاندفاع نحو معارك جانبية تستنزف قوانا، ونبحث عن حلول. الشخصيات الوطنية الفلسطينية في فلسطين التاريخية المحتلة، ودول الشتات خصوصا في الأردن، ولبنان، وسوريا، ومصر مطلوب منهم أن يبادروا للاجتماع، ومناقشة الوضع، والخروج باقتراحات عمليه وليس مجرد إصدار بيان، ونشره، ونشر فيديو الاحتفال، والتصفيق، وحصد الإعجابات، والتهاني.
الشرفاء في هذا الوطن من كل الفصائل: لماذا لا تخرجون من فصائلكم الميتة، التي صارت جزءا من أوسلو وتعملون على تشكيل إطار جديد يسحب البساط من تحت أرجل فريق أوسلو، ومن تصالح معهم. من كان لديه اقتراحات بحلول عملية فليقدمها، وليباشر في الاتصالات لتحقيقها، غير مكتف فقط بنقد، أو شتم، أو لعن أقطاب المصالحة الفلسطينية.
التاريخ | الاسم | مواقع النسيج | مشاركة |