(اتكل على الله واشتغل رقاصة)، هذا ما قاله الممثل الكوميدي المصري الشهير عادل إمام لحاجب المحكمة في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة)، التي مثلها مع النجم عمر الحريري، أثناء أحد مشاهد المحاكمة التي عقدت للاستماع لشهادته.
فبعد أن اعترف له الحاجب أنه ينام مع أولاده، وزوجته، وحماته في غرفة واحدة لأن بيته مكون من غرفة واحدة فقط، وأنه يتقاضى راتباً شهرياً متدنياً لا يكفي ثمن وجبة همبرغر حتى في القاهرة نفسها، قطب عادل إمام حاجبيه وقال له: (اتكل على الله واشتغل رقاصة)، فضحك المشاهدون لهذا الحاجب المسكين الذي لا حل له بتطوير وضعه الاقتصادي إلا بالعمل رقاصة لأن الراقصات يحصلن على دخل أعلى بكثير . و(اشتغل رقاصة) لا يقصد بها العمل في مهنة الرقص، فهي احتراف ودراسة وتحتاج لتدريب لا تجيده كل امرأة أو كل رجل وإنما يقولها الناس مجازاً ويقصدون (اشتغل عاهرة) وهي مهنة انتشرت باتساع الفقر في العالم العربي.
فملايين العائلات في الدول العربية تعمل فعلاً وليس نكتة للضحك في مجال الدعارة، سواء مباشرة أو غير مباشرة، وسواء بشكل راق متطور أو بالشكل التقليدي المعروف بعضهم اتخذ المهنة حرفة لأن دخلها أعلى من غيرها لكن الأغلبية الساحقة انحرفت بدافع الفقر استجابة لنصيحة عادل إمام لحاجب المحكمة.
لم أكن أصدق حتى شاهدت عيناي عائلات بأكملها الأم والأب والبنات يعرضون أنفسهم للبيع في كباريهات الدول العربية، البنات للبيع والأب الحارس الشخصي، لم أكن أصدق أن الأم تبيع ابنتها بيدها وبرضاها طبعاً حتى شاهدت ذلك بنفسي، هكذا دون حياء وخجل هذا إضافة لما سمعته من أشخاص انغمسوا في عالم الملذات وحدثوني عن عالم الدعارة أو عالم الفرفشة كما يسمونه هم أنفسهم.
ولسنا هنا في معرض الحديث عن الدعارة نفسها وما يحصل فيها فلنا أصدقاء سوف يكتبون في هذا الموضوع ولكننا نتحدث عن ملايين العائلات الفقيرة التي دفعها الفقر – ولا تسألوا كيف فالأسباب كثيرة – إلى الانحراف لتأمين لقمة العيش لهم ولأولادهم.
خلال اتصال هاتفي مع صديق لي في إحدى الدول العربية سألته ما هو الحد الأدنى الذي تحتاجه أسرة مكونة من أب وأم فقط (بدون أولاد) للعيش في أدنى مستوى – حد الكفاف – فقال لي دون تفكير وكأنه حسب ذلك مليون مرة من قبل : ما يوازي 160 دولاراً شهرياً دون أجرة البيت فقلت له وكيف نسمع أن الموطفين عندكم يتقاضون حوالي خمسين دولار شهرياً كيف يعيشون؟ فقال لي إما يعملون أكثر من وظيفة أو يرتشون أو يسرقون أو يتاجرون بالممنوعات . . أو . . . فقاطعته قائلاً أو يشتغلون رقاصات فضحك قائلاً هذا أحد أسباب الانحراف المعشعش هنا.
وإذا رضي كثيرون بنصيحة عادل إمام فما هو دور البقية التي رفضت؟ لماذا يقبلون حياة الذل والفقر منتظرين رحمة الله حتى تأتي؟ لماذا لا يطالبون بحقوقهم؟ لماذا لا يرفعون أصواتهم؟، لماذا لا يدقون جدران الخزان؟!
نعم نقولها لمن رضوا بحياة البؤس واستسلموا له :
اتكلوا على الله واشتغلوا رقاصات(عاهرات ) ولكن اذا شئتم ان تتحركوا وأن لا تشتغلوا رقاصات فلا مجال أمامكم إلا أن تدقوا الخزان وأن ترفعوا رؤؤسكم عاليا مطالبين بحقوقكم ..
التاريخ | الاسم | مواقع النسيج | مشاركة |