لعيون الكرت الأخضر
أضافت لموضوع القصة الفلسطينية موضوعاً جديداً قلما تعرض له كتابنا، ولكنها من ناحية فنية لم تضف الكثير.
الأربعاء ٢٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم الدكتور عادل الأسطة

" لعيون الكرت الأخضر "(2006) هي المجموعة القصصية الأولى للكاتب عادل سالم، والمؤلف مقدسي الولادة "1957)، ويقيم، الآن، في أمريكا. وكتب، قبل أن يكتب القصة القصيرة، الشعر، فقد أصدر ديوانين شعريين هما " عاشق الأرض "1981) و" من وراء القضبان "(1985)، وقبل أن يسهم في تأسيس " ديوان العرب " ( مجلة أدبية وثقافية إلكترونية ) ويكتب فيها، كتب في جريدة عرب تايمز الصادرة في الولايات المتحدة من سنة 1990 حتّى 2002، وقبل هذا وذاك نشر أشعاره ودراساته في مجلات الأرض المحتلة وصحفها.

ويكتب عادل سالم - أو الناشر (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)- معرفاً بنفسه: " عادل سالم / مؤلف أمريكي من أصل فلسطيني "، ما يجعل المرء، قبل أن يدلف إلى القصص يثير سؤال الهوية للكاتب نفسه. وبالتالي هل يدرس هذه القصص على أنها قصص فلسطينية أم عربية؟

وما من شك فإن عادل سالم، إذا اعتمدنا الجنسية أو الهوية السياسية التي يحملها الآن، فإنه كاتب أمريكي يكتب باللغة العربية، ولكنه، إذا اعتمدنا مكان الولادة، كاتب عربي فلسطيني، لأنه ولد في القدس، ونشأ فيها، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وربما دُرِسَ، بناء على ذلك، على أنه من أدباء الوطن، قبل هجرته، ومن أدباء المهجر، بعد إقامته في المهجر. وإذا ما اعتمدنا اللغة وحدها معياراً لتحديد هوية هذه القصص، فإنها تدرج ضمن القصص العربي، بغض النظر عن موضوعها، ومكان كتابتها، وهوية كاتبها. وإذا ما اعتمد الموضوع معياراً لتحديد هوية القصص فإنها أمريكية تعالج إشكالات العرب في أمريكا الشمالية وعلاقتهم بسكانها من أمريكان بيض وسود وأمريكان جاءوا من أمريكا اللاتينية أيضاً.

وسؤال الهوية ليس سؤالاً مؤرقاً وحسب لمن يريد أن يدرس هذه القصص، وإنما هو سؤال مؤرق لبعض شخوصها العرب الذين يقيمون في الولايات المتحدة الأمريكية، ولعله أوضح ما يكون في قصة " زافر كنغ، اعتنق المسيحية ليحافظ على عائلته "، وفيها يقص علينا أنا المتكلم قصة لقائه، في العام 1988، مع ظافر الذي هاجر والده نبيل من القدس في خمسينيات القرن العشرين إلى الولايات المتحدة.

ويتزوج من الأمريكية ( لندا ) التي عرفها يوم كان طالباً في المدرسة، وقد وقفت معه، وكانت مخلصة، وتصدت للطلاب العنصريين الذين حاولوا الإساءة لأصوله العربية. وأنجبا ثلاثة أطفال: نبيل ويوسف وجولي، ونشأ هؤلاء نشأة مسيحية، فلم يكن الدين يعني له الكثير، عدا أن الأجواء المحيطة في المدينة التي يقيم فيها مسيحية، ومن ثم أخذ يثير العديد من التساؤلات مثل:
" هل أحاربهم؟ هل أتخلى عنهم؟ هل أتخلى عن زوجتي التي تحبني والتي لم تمنعني أن أشرح لهم عن الإسلام؟ ... عشت في صراع نفسي حاد عدة سنوات ". وهكذا يخاطب أنا القاص: " إن تسألني هل كنت فعلاً مسلماً أقول لك نعم، ولم أكن أخطط لاعتناق المسيحية، لكنني وجدت نفسي مضطراً لذلك ... ".

فكيف ننظر إلى ظافر هذا؟ هل هو عربي أم أمريكي؟ وكيف ننظر إلى أبنائه وثقافتهم التي ثقفوها؟ وبالتالي كيف ننظر إلى هذه القصص وندرسها؟ هل نعتبرها أدباً عربياً أم أدباً أمريكياً كتب بالعربية؟ وما هو المعيار الذي نعتمده: اللغة، الولادة، الجنسية، أم الموضوع؟

دال العنوان:

عنوان هذه المجموعة هو " لعيون الكرت الأخضر "، وهو عنوان قصة من قصص المجموعة التي يصل عددها إلى تسع عشرة قصة. وفكرة القصة أو موضوعها يدور حول الشباب العرب الذين يهاجرون إلى أمريكا باعتبارها ( الدورادو ) أو الجنة المفقودة، هاربين من أوطانهم العربية، آملين بحل مشاكلهم. فادي اللبناني يسافر من بيروت إلى أمريكا، وهناك، ومن أجل الحصول على الكرت الأخضر، يكذب ويزور ويفقد كل إحساس بالكرامة، حتّى إنه ليضطر إلى تشويه أبيه تاريخاً وسمعةً، فيجعل منه عميلاً وجاسوساً، على الرغم من أنه ليس كذلك. كل ذلك من أجل أن يحصل على الكرت الأخضر، وهو بذلك ليس حالة استثنائية، إنه، كما يقول، واحد من آلاف العرب " من اليمن، من مصر، من الجزائر، سوريا، لبنان، فلسطين ... الخ كلهم يدعون أن المنظمات الإسلامية المتطرفة تلاحقهم، مستغلين عداء الولايات المتحدة للمنظمات الإسلامية المذكورة، هناك نساء مسلمات يدعين أن آباءهن يغتصبوهن إن عادوا لبلادهن، هناك رجال يدعون أنهم لوطيون .. "(ص71).

وثمة غير قصة أيضاً نقرأ فيا عن الثمن الذي يدفعه العرب أو بعضهم من أجل الحصول على الكرت الأخضر، حتّى إن الـ، ف.ب. آي تبتز بعضهم من أجل منحه، ومنذ 11/9/2001 تطلب هذه الوكالة من بعض العرب، حتّى يحصلوا على الكرت الأخضر، أن يغدوا جواسيس لها. وهكذا فإن دال العنوان لا يقتصر على قصة واحدة، عدا ذلك فإن عادل سالم، قبل أن يصدر هذا المجموعة القصصية، كتب قصيدة تحت العنوان ذاته، ونشرها في مجلة " ديوان العرب "، ومما ورد فيها:

" لعيون الكرت الأخضر
سأدوس على شرفي
وأدوس على كل الأخلاق
وأبيع الدنيا والدين
فأنا لعيون الكرت الأخضر
صبحاً ومساءً اشتاق
 
لعيون الكرت الأخضر
سأبيع مؤخرتي وأوقع كل الأوراق
فأنا في جنة عدن
لا تقطع فيها الأرزاق .... "

وأنا المتكلم في النص ليس أنا الشاعر / الناظم، وهذا ما تقوله القصص. وإذا كان من فرق ما بين القصيدة والقصص فيكمن في أن الأولى، لأنها شعر، تمتاز بالتكثيف، في حين أن الثانية لأنها نثر، تحفل بالتفاصيل: الأسماء وأماكن الولادة ومكان الإقامة وماضي الشخصية وحاضرها. وإذا كان الشعراء العرب في أبيات الحكمة التي نظموها يلخصون تجربتهم في بيت أو عدة أبيات، وهي تجربة عمر، فإن القصيدة تلخص عشرات القصص. كأنما سمع عادل سالم القصص فأغرته بكتابة القصيدة، ثم عاد ليكتب القصص، وليقول للقارئ: هؤلاء هم الذين كتبت القصيدة عنهم، وهذه هي التفاصيل.

الإهداء:

يهدي الكاتب مجموعته " إلى الذي جربوا نار الغربة عن الوطن فقرروا العودة إليه، لأنهم اختاروا الموت بناره، بما فيه من فقر وقهر، على العيش في جنة الغربة ". ولا يدري المرء إن كان المؤلف نفسه، من خلال إهدائه، يعبر عن توق العودة إلى الوطن، هو الذي كان يقيم في القدس ثم غادرها. كأنما لسان حاله لسان الشاعر ابن زريق البغدادي الذي ترك بغداد، بحثاً عن الرزق، إلى الأندلس، وهناك كتب قصيدته التي خلدته:

لا تعذليه، فإن العذل يولعه

قد قلت حقاً، لكن ليس يسمعه

وثمة في القصص شخوص كثيرون قدم لهم أهلهم النصح بألا يغادروا الوطن، وكما لم يسمع ابن زريق لزوجته، فإن الشخوص هؤلاء لم يسمعوا لأهلهم، وهكذا اكتووا بنار الغربة، وتحولوا إلى كذابين ومزيفين، وغدوا أشخاصاً بلا أخلاق، أقاموا أسراً سرعان ما تفككت وتمرد فيها الابن على أبيه، وشتمت البنت أباها " فك يو داوي "، لأن الأب شرب الخمر وتاجر بها، ولم يلتفت إلى أسرته، قدر التفاته إلى الدولار.

الغربة عن الوطن نار، حتّى لو كانت البلاد التي يقيم فيها جنة فيها الماء والخضراء والوجه الحسن، والعيش في الوطن جنة، فثمة فقر وقهر، ولكنهما أفضل من جنة المنفى. إنها فكرة قديمة جديدة حفل بها الأدب العربي والعالمي. وربما تذكر المرء مقطع ناظم حكمت:
" أدخلوا الشاعر إلى الجنة
فصاح يا وطني "

وربما تذكر المرء أيضاً أحمد شوقي وهو في المنفى:
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني إليه بالروح نفسي
وهي الصرخة التي صرخها، ذات نهار، محمود درويش، يوم كان قبل 1996 يقيم في باريس: بدي أعود.

هل يحن عادل سالم إلى القدس؟ وماذا لو عاد ووجدها على ما هي عليه، وظل عاطلاً عن العمل؟ هل سيحن إلى أمريكا الجنة المفقودة. إنها اللعبة الأزلية التي عبر عنها محمود درويش قائلاً: " يصبح الحلم سيفاً حين يبلغه صاحبه ويقتله "

إنها اللعبة التي لعبها الحكيم أيضاً في " بجماليون ". ينجز النحات التمثال، وحين يعجب بما صنع يطلب من ( فينوس ) أن تبث به الحياة، حتّى إذا ما فعلت/ وجدنا بجماليون ينفر منه، ويتمنى لو عاد تمثالاً، وحين يعود يستاء منه فيحطمه. هل الأشياء تبدو متمناة ورائعة طالما هي بعيدة عن أيدينا، حتّى إذا ما حصلنا عليها فقدت قيمتها ونفرنا منها.
إن قصص المجموعة كلها تقريباً لا تتحدث عن الجنة / أمريكا. كانت هذه جنة قبل أن يدخلها هؤلاء العرب، ويحصلوا على الكرت الأخضر فيها، وحين تم لهم ذلك غدت حياتهم فيها جحيماً، أو هو ما يبدو للإنسان العربي الذي تربى على قيم وعادات وأخلاق تختلف كلياً تقريباً عما هو موجود في المجتمع الأمريكي. ولكن هل يفكر هؤلاء في العودة إلى الوطن؟ وإذا عادوا إلى أوطانهم فماذا سيفعلون؟ لقد خسروا الماضي والحاضر، ومن المؤكد أنهم سيخسرون المستقبل. ثم ماذا عن الذين ولدوا في أمريكا وغدت موطنهم.

في الجنة / أمريكا تقتل سهام في قصة " أنت طالق يا سهام " ابنيها الطفلين، من أجل أن تحصل على " بوليصة " التأمين، ثم تخسر ابنيها وزوجها وحياتها، حين تكتشف الشرطة هذا. فأين هي الجنة؟

[(كلمة لا بُدَّ منها:

تحت هذا العنوان يلفت المؤلف نظر القراء إلى بعض الأمور المهمة، فالقصص هذه ليست كل ما كتب. هناك قصص أخرى جاهزة ستنشر تباعاً خلال الفترة القادمة. ولكن الأهم من هذا أنه يقدم لنا صورة عن واقع أبطال القصص ومعاناتهم، لنحكم عليها ضمن ظروفهم التي عاشوا فيها. والقصص هذه نماذج من قصص واقعية عاشها العرب المغتربون في الولايات المتحدة. إنها ليس من وحي الخيال فأبطالها ليسوا أبطالاً من ورق، إنهم حقيقيون ما زال بعضهم يعيش في أمريكا.
)]
ونظراً لأن أكثر هذه القصص تبرز صورة سلبية للعرب، هناك، فإن المؤلف، خوفاً من أن يخرج القارئ بانطباع سلبي عن العرب، يطلب من القارئ " ألا يعمم ما يقرأه على كل أبناء الجاليات العربية المغتربين، فهذه القصص، كما يقول، ليست مهمتها إيصال القارئ إلى مثل هذه النتيجة. وعلى الرغم من هذا التنويه الذي يظهر في كلمة المؤلف إلا أن الانطباع العام الذي يخرج به القارئ هو انطباع سلبي، فصورة العرب في القصص، إلا ما ندر، تبدو سلبية.

في قصة " إلى الجحيم يا علي " يضاجع علي زنجية ولا تكون لديه أنى مشاعر للأبوة حين يعرف أن ابنها هو ابنه، لا لسبب إلا لأنه طفل أسود. الأب هنا يذكرنا بشداد والد عنترة: لا يعترف بابنه من الأمة. كأن علي الذي يقيم في أمريكا ما زال يعيش في المجتمع الجاهلي الذي يعترف بأبناء الحرائر ولا يعترف بأبناء الإماء. وأبو أنور في قصة " أبو أنو قتلته الغربة " يعود إلى زوجته وأولاده لينام مع زوجته ليلة ثم ليغادر ثانية إلى أمريكا، دون أدنى مسؤولية عما فعله. وفي قصة " الخيانة تبدأ من هنا " يقيم الزوج علاقة مع امرأة أخرى غير زوجته. وفي قصة " شوربة خضار بالخنزير " إبراز لبعض تناقضات العرب في أمريكا، فجمال يحتج على الشوربة بلحم الخنزير، ولكنه يخون زوجته ويضاجع امرأة لا تمت له شرعاً بصلة. ثمة فصام في شخصية جمال. ورباب في قصة " رباب في أمريكا " – وهي من تونس وأبطال القصص لبنانيون ومصريون وفلسطينيون وسوريون – تذهب إلى الولايات المتحدة لتدرس فتتصرف تصرف المومس، فلا أخلاق ولا شرف. وسليمان في قصة " وعادة مكسورة الجناح " يدعو صديقاته إلى بيته، مع أنه متزوج، ولا يمانع في أن تخرج زوجته مع من تشاء. وسونيا في قصة " الخيانة المزدوجة " – وهي مسلمة من البوسنة – تخون زوجها – مع أنها أم لطفلين – ويقيم معها علاقات عرب عديدون تراهم كذابين. وفي قصة " أولاد للتبني " نجد المسلمين لا يتبنون الأولاد المسلمين، في حين تتبناهم العائلات الأمريكية، ومع ذلك فالمسلمون ما زالوا يقيمون صلاة الجمعة ويدعون الله أن ينصر الإسلام والمسلمين.

ولا تكاد المجموعة تبرز صورة إيجابية للعرب والمسلمين، وإذا ما عثر المرء على صورة إيجابية فإنه يعثر عليها بعد أن يقرأ قصة يغلب عليها إبراز الصورة السلبية، كما في قصة " فك يو دادي "، فالساردة سميرة ابنة لأب متناقض في سلوكه يميز بين الابن والفتاة، ومثله الأم، فكلاهما يجيزان للولد ما لا يجيزانه للفتاة، ما يجعل الفتاة تتمرد، وتصرخ في وجه أبيه، وتغادر المنزل، بعد أن يحميها الشرطة من اعتداء أبيها عليها لأنه ضبطها مع صديق أمريكي. وهذه حين تبحث عن مكان تقيم فيه تذهب إلى صديقتها شيماء التي تنتمي إلى أسرة متماسكة غير مفككة، وتكاد هذه الأسرة تكون استثناء في المجموعة كلها. ثمة أب يحترم أبناءه، وثمة أبناء يطيعون والدهم، وثمة تفاهم أسري.

النماذج البشرية التي تبرز في القصص إذن نماذج أكثرها سلبية، ولا يدري المرء إن كانت هناك قصص لدى المؤلف تبرز نماذج إيجابية.

قيمة هذه القصص:

ربما يتساءل قارئ هذه القصص عن قيمتها، هل ثمة قيمة لها، من حيث الموضوع ومن حيث الفن؟

قليلة هي الأعمال الأدبية الفلسطينية التي أبرز كاتبها فيها صورة عن حياة العرب في أمريكا. ربما يتذكر المرء هنا رواية سحر خليفة " الميراث "(1997)، وربما يتذكر أيضاً رواية مجيد منيب " أصل الغرام "، وفي الأولى والثانية تصوير لحياة العرب في أمريكا، وتأتي " لعيون الكرت الأخضر " لتستفيض في الكتابة، وبالتالي فإنها ستكون مجموعة ذات أهمية لدارس الأدب دراسة اجتماعية، دارس الأدب الذي يريد أن يعرف عن حياة العرب في المجتمع الأمريكي، والذي يريد أيضاً أن يدرس نظرة الشعوب لبعضها البعض. ولكن ماذا عن قيمتها الفنية؟ يخيل إليّ أن الكاتب عادل سالم لم يلتفت إلى هذا الجانب بما فيه الكفاية. لقد كانت القصص مجرد سرد لأحداث وحكايات، وهي بذلك تضيف لموضوع القصة الفلسطينية موضوعاً جديداً قلما تعرض له كتابنا، ولكنها من ناحية فنية لم تضف الكثير.

كتابة المقال الجمعة 1/9/2006

ملاحظة :

تنويه من عادل سالم

التعريف الذي جاء في مطلع المجموعة القصصية حول عادل سالم بأنه كاتب أمريكي من أصل فلسطيني تم بمبادرة من الناشر دون معرفة الكاتب نفسه إلا بعد صدورها.

عادل سالم يعتبر نفسه كاتبا عربيا مهما كان جواز سفره، لأنه عربي الانتماء، والثقافة، والحضارة، ويعتبر هجرته إلى الولايات المتحدة، غلطة حياته التي يأمل أن يصححها قريبا.

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة