لطفي زغلول في حوار مع ديوان العرب:
قدر الشعر الفلسطيني أن يولد من رحم القضية الفلسطينية
السبت ١٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٧
بقلم عادل سالم

أحد الشعراء الفلسطينيين الذين حملوا القضية الفلسطينية على أغصان أشعارهم، وشاعر يطربك صوته الشعري فتشعر وأنت تسمعه منشدا بأنك أمام شاعر يمسك بزمام الشعر، ويسمو في عالم الإبداع محلقا عبر أدواته الفنية التي ميزته عن الكثير من الشعراء من أبناء جيله. شاعر يعرف كيف يقود اللغة، ليصنع من كلماتها قصائد يطربك إلقاؤها مع صوت الموسيقى الهادئة، مثل الرسام الذي يصنع بريشته، وألوانه أجمل اللوحات التي نقف أمامها ساعات طويلة لا نمل منها، نحللها، ونحلق في فضائها الفني الرائع. أصدر 13 ديوانا شعريا، ضمت أجمل ما كتب، في الحب والجمال، والوطن، وغير ذلك. والده الشاعر الراحل عبد اللطيف زغلول أثر في تنشئته وعلمة حب الشعر منذ طفولته. ديوان العرب يسعدها أن تستضيف شاعرنا الكبير وتحاوره في شتى شؤون الأدب والثقافة.

  [*الشعر تحت الاحتلال له نكهة مختلفة، صوت مختلف معاناة مختلفة، أين وصل الشعر الفلسطيني في الداخل الفلسطيني، أو في منافي الشتات؟ وهل ظل الفلسطيني رهين شعر المقاومة، والحنين إلى الوطن أم تجاوز ذلك نحو المشاعر الإنسانية؟*]
  كان ولا يزال قدر الشعر الفلسطيني أن يولد من رحم القضية الفلسطينية بكل إفرازاتها، وأن يترعرع في أحضانها، ويشب ويكبر، ويبلغ سن الرشد. والاحتلال الإسرائيلي واحد من هذه الإفرازات، حمل في ثناياه تحديات خطيرة، كان لا بد للشعر الفلسطيني أن يتصدى لها، وقد فقد الأرض والوطن، والهوية، ووجد نفسه إما في منافي الشتات، غريبا يعيش على هوامش حياة الآخرين، أو في جيتوهات داخل ما تبقى من الوطن.

وهكذا كانت معادلة الشعر المقاوم التي ما زالت تفرض نفسها على المشهد الشعري الفلسطيني. وهل تكون هناك حياة لأي إنسان، أو لأي إبداع بلا وطن. وما قيمة أي إبداع لا ينتمي إلى الوطن، ولا يخرج أصلا من صلب رؤاه التحررية؟.

وبرغم هذا فإن المبدع الفلسطيني إنسان له قلب يحب ويعشق، وله رؤى لا تحد مساحتها، وله انتماءات ثقافية أخرى إلى العالم، لا تقف عند حدود راهنه الأليم. إن الفلسطيني لم يتقوقع في يوم من الأيام في قمقم ثقافي إبداعي يجتره كما يظن البعض. هناك تحديات مستدامة، ولا بد من مواجهتها، والتصدي لها، ليس بالهروب منها. لقد أثبت الفلسطيني أنه إنسان بمعنى الكلمة، له القدرة على التفاعل مع مقتضيات بيئته، وفي نفس الوقت أن يتفاعل مع منظومة مستجدات العالم الخارجي ومستحدثاته وحداثاته.
إن المكتبة الأدبية الفلسطينية بعامة، والشعرية بخاصة لتدحض المقولة التي مفادها أن المبدع الفلسطيني رهين شعر المقاومة الذي شكل مساحة مرموقة من إبداعاته الشعرية، وإنه – لا أقول تجاوز - بل زاوج بين مقاومته المشروعة وإصراره على التحرير والحرية، وهي إحدى أهم ثوابته، وبين مشاعره الإنسانية الأخرى.

 [*هل وصل الشعر الفلسطيني ساحة العدو الإسرائيلي؟ هل أثر فيها؟ كيف يمكننا غزو ساحة الأعداء ثقافيا؟ بدلا من الخوف من غزوهم لنا؟*]
  العدو الإسرائيلي ليس بعيدا عن الساحة الشعرية الفلسطينية. هناك الكثيرون من الشعراء الفلسطينيين من العام 1948 يعيشون في وطنهم، وتترجم قصائدهم لأهداف عدة إلى اللغة العبرية، وتذهب هذه الترجمات إلى الجهات والدوائر الإسرائيلية المعنية.

أما ما يخص موضوع تأثير الشعر الفلسطيني على العدو الإسرائيلي، فإنني أشك أن يكون هناك تأثير مباشر على قاعدته الجماهيرية، كونها تنتمي إلى ثقافات مختلفة، وكون هذا العدو تتحكم في ذهنيته أيديولوجية صهيونية لها أسسها ومبادؤها واستراتيجياتها.

إن العدو الإسرائيلي مصر على أن الأرض أرضه، وعده الرب بها، وهذا يفسر شهيته الشرهة لمصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية، ما عليها وما فوقها وما تحتها.

في اعتقادي أن العدو الإسرائيلي منغلق على ذاته، على الأقل فيما يخص الشعر الفلسطيني الذي يعتبره معاديا وتحريضا على العنف والإرهاب، وتكريسا للنوايا الشريرة بحسب ادعاءاته الباطلة. وأنا هنا لا أتحدث عن جهات معينة في كيان العدو تتطلع على كل شاردة وواردة في الساحتين الثقافيتين العربية بعامة والفلسطينية بخاصة، ولها مآربها في جمعه وتصنيفه ودراسة اتجاهاته ودلالاته وأرشفته.

لقد أثبتت التجارب الطويلة أن العدو الإسرائيلي لم يتمكن من غزو الفلسطينيين ثقافيا و لا لغويا. والفلسطينيون لا يخشون ولا يخافون الغزو الثقافي الإسرائيلي، وهم ينظرون إلى الوجود الإسرائيلي على أرضهم التاريخية على أنه كيان معاد مغتصب. أضف إلى كل ذلك أنه لا يوجد ما يسمى ثقافة إسرائيلية محضة. هناك ثقافات متعددة، وجل هذه الثقافات تنتمي إلى أمهاتها في الغرب الأوروبي.

وإلى هنا فأنا لا أتجاهل أن هناك شريحة ثقافية ما من فلسطينيي العام 1948، قد قبلت بالتعايش مع هذا الكيان الغاصب، ورضخت له، وقامت بتقليم إبداعاتها الوطنية وأقلمتها على طريق التطبيع والتعايش السلمي معه. إلا أن هذه الشريحة ما زالت رغم كل ذلك تعاني ما تعاني من عنصرية هذا الكيان، وعدم إيمانه بمبدأ المساواة، واضطهاده للآخر الفلسطيني.

  [*معظم الشعراء الجدد في فلسطين ينتمون بشكل أو بآخر لأحزاب سياسية، هل أثر ذلك على إبداعاتهم، أم ساهم في إغنائها؟*]
  بالنسبة للشطر الأول من السؤال، هذا صحيح. ويعود أحد الأسباب الهامة إلى انعدام الدولة والمؤسسات التابعة لها، والتي يفترض بها أن تكون هي الحاضنة والراعية. إن الفصائلية، والحال هذه، هي الملاجىء الآمنة لهؤلاء، فهم ليسوا لهم سواها، حتى في ظل وجود سلطة فلسطينية يغلب عليها الانتماء إلى فصيل واحد.

ومما لاشك فيه أن الإبداعات أيا كانت أشكالها، ويهمنا هنا الشعر، تتأثر تأثرا كبيرا بهذه الانتماءات الفرعية البديلة للإنتماء الأعمق للوطن فيما لو كان قائما مكتمل السيادة. إن الشاعر من هؤلاء يجد نفسه مضطرا في كثير من الأحيان لمسايرة ركب فصيله الذي لجأ إليه لغاية أو لأخرى. وما أشبه الليلة بالبارحة، يوم كان ولاء العربي آنذاك لقبيلته، فيغوي متى غوت، ويرشد متى رشدت.

 [*هل تؤمن بالحوار الثقافي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ ألا يمكن أن يكون ذلك دعوة للعرب لكي يفكوا ما تبقى من مقاطعة عربية مع إسرائيل؟*]
  وعلى ماذا نتحاور؟. إنهم يصرون على أن هذه الأرض هي إسرائيل الكبرى. وهي أرض الميعاد. وهم سادرون في مصادرة ما تبقى منها. وهم جادون في تفعيل آليات تهويدها. إنهم يجتاحون ليلا نهارا، يقتحمون، يغتالون، يعتقلون، يدمرون، يحاصرون، يغلقون. إنهم باختصار ينكرون أي حق للفلسطينيين على أرضهم التاريخية التي اغتصبوها. ومما يؤلم ويحز في النفس الفلسطينية أن معظم الأنظمة العربية قد ترجلت عن صهوات لاءاتها وثوابتها التي قدمتها قربانا في مذبح الاعتراف المجاني والتطبيع، في حين أن العدو الإسرائيلي ما زال يمتطي صهوات لاءاته، ويشهرها سيفا مسلطا في وجوه العرب. وأخيرا لا آخرا هل تبقى هناك شيء من المقاطعة العربية التي أصبحت من التاريخ.

 [*ينقسم الشعراء والأدباء في فلسطين كلما انقسمت الساحة السياسية؟ هل المثقف الفلسطيني تابع لسلطة أقوى منه؟*]
  إن صوت المثقفين الفلسطينيين خافت. وأنا هنا أخص المثقفين ذوي الرؤى المستقلة. والحقيقة هناك أزمة مثقفين إبداعيين وثقافة إبداعية، ليس في فلسطين فحسب، وإنما في العالم العربي.

إن السياسيين يسيطرون على المساحة العظمى من المشهد العربي، ويتحكمون بخارطته العامة. وثمة فرق شاسع بين فعاليات أدوات السياسي وأدوات المثقف، هذا إن وجدت هذه الأخيرة. وهنا أود أن أطرح هذا السؤال الذي أعرف الإجابة عنه مسبّقا: لمن له الحضور الواسع في وسائل الإعلام العربية المختلفة، ومن هو نجمها؟. هل هو السياسي أم المثقف؟.

الشعراء والأدباء الفصائليون في فلسطين منقسمون أصلا. والساحة الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام موحدة بمعنى الكلمة، وإلا لما كانت هناك فصائل وحركات وفئات، لكل رؤاها وتوجهاتها.

 [*الشعر العربي هل هو بخير، أم كما يروج له بعض المثقفين في طريقه للتقاعد؟*]
  الشعر ديوان العرب، وسوف يظل ديوانهم. وحتى الآن ليس هناك إبداع أيا كان، قد احتل هذا الديوان إلا الشعر. إلا أن الشعر قد تراجع خطوات إلى الوراء جراء مستجدات العصر التقنية " الفضائيات، شبكة الإنترنت، الأجهزة الخلوية، الكومبيوتر وغيرها "، مضافا إلى كل ذلك ما أصاب المناهج التعليمية من تغيرات وبخاصة مناهج اللغة العربية، ومنها الشعر العربي، التي لم تعد لها تلك المكانة التي كانت لها، ولا تلك الأولوية، ولا ذلك الإهتمام.
وبرغم ذلك كله، ومن ناحية أخرى، يمكن القول إن تقنيات العصر، قد ساهمت في إعادة مساحة مرموقة من رونقة الشعر. ودليلنا على ذلك هذا الكم الهائل من المنتديات والمجلات الشعرية الإلكترونية.

في اعتقادي سيظل الشعر هو الأقدر على التعبير عن عواطفنا الإنسانية أيا كانت، ومنها الحب والعشق والهيام، والتحليق في فضاءات الجمال، وكذلك خيالاتنا، ومشاعرنا وأحاسيسنا. وستظل الشاعرية تلك السماء التي تطل علينا بنجومها وأقمارها. وسيظل الشعر ذلك الفتى اليافع الذي لا يعرف الذبول. وستظل القصيدة رفيقة الإنسان، يلجأ إلى أحضان نعيمها كلما احترق في أتون الحياة المادية، بغية استعادة شيء من إنسانيته.

 [*رأيك في شعر النثر، هل هو في طريقه للقمة، أم إلى القاع؟ وما رأيك في آلاف النصوص التي يدعي كل منها انه شاعر نثري؟*]
ما أكثر الشعراء حين نعدهم في هذه الأيام التي تعاني من " آفة التضخم ". هذه الأيام التي اختلط فيها الحابل بالنابل، والغث بالسمين. وهنا سوف أسوق توصيفا لشعر النثر، قرأته لناقد عربي نعته بأنه خنثى، لا هو ذكر ولا أنثى.

وحقيقة الأمر إنه " شعر " ليس له جذور. إنه أشبه بزوبعة ملأت الأجواء غبارا. إنه لا يلتصق بالذاكرة، لا يؤرخ، لا يستنهض الهمم، لا يعزف على أوتار الإنسجام والتموسق، والكثير منه يتعاطى الشعوذة اللغوية، ويتخذ من الغموض والأساطير والطلاسم متاهات يتخبط فيها.

إنني أفهم الشعر العربي في إطار تقنياته الموروثة عبر العصور العربية المتتالية " البحور، الأوزان، الموسيقى التي تعزفها قوافي الشعر العمودي، أو تلك التي تتموسق في شعر التفعيلة.
ولكي لا أكون حائدا عن الحقيقة ومتعصبا ومنحازا، فإنني لا أمانع أن يدخل في حظيرة النثر شريطة أن يكون لهذا النثر رسالة، لا مجرد تهويم في اللامعقول.

 [*رائد الشعر العربي حاليا من يكون؟*]
أنا لا أومن أن هناك رائدا ما للشعر العربي في أي عصر من العصور، وليس هناك أمير له ولا سلطان. الشعر بستان، يدخله الشعراء الحقيقيون فيزرعون فيه أزاهيرهم، ولكل زهرة أريجها وشذاها.

لقد انتهى عصر الألقاب. ونحن لسنا في زمن " أمير الشعراء " ولا " شاعر القطرين " ولا " شاعر النيل ". وهل عرف العرب في أزهى عصور الشعر ألقابا منحوها لشعرائهم؟. كلا وألف كلا. المتنبي هو المتنبي. إمرؤ القيس هو امرؤ القيس. أبو العلاء هو أبو العلاء. الخنساء هي الخنساء. وكل الشعراء عرفوا بأسمائهم. الألقاب ثقافة مرفوضة.

 [*لماذا يهتم الشعراء الشبان في العصر الحالي بالمهرجانات والجوائز غير العربية أكثر من اهتمامهم في انتشار إبداعاتهم لدى أبناء وطنهم؟ هل أصبح هم الشاعر حضور مهرجان أدبي يدعى إليه؟*]
 للأسف الشديد هناك اعتباران في هذا الصدد لا ثالث لهما. الأول يتمثل في تقصير الأنظمة العربية في مكافأة المبدعين، وإن كافأت مال بها الهوى والإنحياز.
الثاني، وأرجو أن لا أتجاوز حدود المعقول في تفسيري الأمر على أنه يعود إلى عقدة النقص " عقدة الخواجا " " كل أفرنجي برنجي "، أو التوهم أن هذه الجوائز ستدخلهم ساحة العولمة ويصبحون مشهورين عالميا.
إن كثيرا من هذه الجوائز لا تقدم إلا لشرائح معينة من المبدعين العرب أو المسلمين، وهي في العادة لا تقدم بدون مقابل، والمقابل هذا يتمثل في أولئك الذين يتطاولون على قيم ثقافاتهم وأصالاتهم وعقيدتهم، أو أنهم يكونون أبواقا لجهات مشبوهة، أو أفكار شاذة، عندئذ يجدون في الغرب من يكرمهم ويؤويهم ويرعاهم ويحميهم. إن الأمثلة على ما أسلفت كثيرة، ومثالا لا حصرا الهندي سلمان رشدي، والبنغالية تسنيم، والصومالية إيان حرزي، والإيرانية شيرين عبادي، والمصري نجيب محفوظ، والفلسطيني محمود درويش، وغيرهم.

أجل، هناك من يعتبر دعوته للمهرجانات والندوات وظهوره في وسائل الإعلام معيارا لانتشاره ولنجاحه ونجوميته، وهذا غباء وغرور، وهبوط في معايير التقييم.
  [*كل مطلع على النصوص الإبداعية الكثيرة على الشبكة يلاحظ أن أغلبها مكتوب بلغة عربية ركيكة يكثر فيها اللحن، لماذا لا يهتم الكتاب بتطوير لغتهم العربية التي يكتبون بها ويكررون نفس الأخطاء على مدار السنين؟*]
  اللوم كل اللوم يقع على القائمين على مناهج اللغة العربية، وطرق تدريسها العقيمة، وبخاصة قواعد اللغة العربية نحوها وصرفها والإملاء والهمزات. أما هؤلاء الكتاب فإن أغلبهم يتسرعون في زج أنفسهم في المعترك الإبداعي قبل أن يكونوا قد تسلحوا بأدواته ومتطلباته، وحتى قبل أن يكونوا قد مارسوا فضيلة القراءة.

والمحصلة هذه الركاكة التي يكثر فيها اللحن. والأنكى من ذلك أن منهم من يرفض تقويم لغته، ويعترض على من يسدي له عونا، معتبرا ذلك حسدا أو تجنيا أو اعتداء لا مبرر له. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
 هل تعرض قصيدتك الجديدة قبل أن تقوم بنشرها على أصدقاء لك لسماع وجهة نظرهم؟.
كلا، لا يطلع على قصائدي إلا السيدة زوجتي، كونها تتمتع بذائقة رفيعة المستوى، وهي قارئة من الصف الأول، إضافة إلى أنها في كثير من الأحيان تقوم بطباعتها.

 [*متى يأتيك الإلهام الشعري؟*]
 ليس للإلهام الشعري زمن معين، فهو يأتي آناء الليل وأطراف النهار، وأحيانا أخرى تحمل الأحداث معها هذا الإلهام على أجنحتها. إلا أنني في العادة آوي إلى مكتبي في ساعات السحر بعد صلاة الفجر، حيث الهدوء والصفاء.
 [*هل تحب سماع القصائد على صوت الموسيقى أم تحب أن تقرأها بنفسك في أوقات الهدوء؟*]
 الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية أو الرومانسية جزء لا يتجزأ من ثقافتي الشخصية، وقبل أن تصدر لي أعمال شعرية مطبوعة، قمت بتسجيل الكثير من قصائدي مع خلفيات موسيقية. ولي في محطات التلفزة والإذاعة الصوتية الرسمية والمحلية تسجيلات لقصائد مموسقة.
 [*بمن تأثرت خلال مسيرتك الأدبية من الأدباء أو الشعراء؟*]
  لقد كان لوالدي الشاعر واللغوي الراحل عبد اللطيف زغلول الدور الرئيس في تنشئتي اللغوية والأدبية بعامة والشعرية بخاصة. كانت مكتبته تضم أمهات الكتب الأدبية والدواوين الشعرية التي قرأت الكثير منها بدءا بالمعلقات ومرورا بالعصرين الأموي والعباسي وانتهاء بالحديث النسبي.

ومما لاشك فيه أن هذه القراءة قد شكلت البنية التحتية المؤسسة لتجربتي الشعرية التي أصفها بأنها تجربة منفتحة على القديم والحديث العربيين، وغير العربيين.

أنوه إلى أنني قمت بإصدار مختارات شعرية من قصائد المرحوم والدي تحت عنوان " نفح الذكرى " 2004. الديوان والسيرة الذاتية والدراسات الخاصة به مدرجة على موقعي في موقع فرعي منه:

www.lutfi-zaghlul.com .

 [* لو لم تكن شاعرا ماذا تحب أن تكون؟*]
لو لم أكن شاعرا لتمنيت أن أكون شاعرا، أو فنانا تشكيليا. وفي هذا الصدد أنوه إلى أن لي مجموعة كبيرة من اللوحات التعبيرية، بعضها مدرج في موقعي.

 [*بعض الشعراء أو الأدباء يتعرضون إلى هجوم حاد من بعض القراء نتيجة مواقفهم السياسية، كما هو الحال مع محمود درويش، هل نحاكم الإبداعات الأدبية من خلال الموقف السياسي للشاعر أو الأديب؟*]
  منطقيا ينبغي الفصل بين الإبداعات الأدبية من حيث الشكل لا المضمون وبين المواقف السياسية للشاعر والأديب. الإبداعات لها معاييرها، وتلك المواقف لها معاييرها هي الأخرى. إلا أن المواقف السياسية للمبدع وبخاصة في عالمنا العربي تلقي بظلالها على هذه الإبداعات، فتحجب ما لها من قيم جمالية. وباختصار إن هذه المواقف في كثير من الأحيان هي مؤشر البوصلة صوب علاقة المبدع بالجماهير سلبا أو إيجابا، قبولا أو رفضا، موالاة أو معارضة.

 [*عندما تكتب قصيدة غزل هل تراجعك زوجتك لمن هذه القصيدة؟ أم أنك تبتعد عن ذلك حتى لا تحدث مشكلة في البيت؟*]
 في العادة أهدي في صفحة الإهداء كل دواويني العاطفية، وتلك التي أخاطب بها المرأة " ما يحلو للبعض أن يسميه غزلا " إلى زوجتي التي تعلم يقينا أن زوجها المنفتح على الدنيا والجمال هو شاعر. وهي تعلم يقينا أن منظومة الخيال والتصور وخلق الحالات هي من سمات هذا الشاعر.
ليس بالضرورة أن تكون القصيدة مهما كانت وأيا كان شكلها موجهة لامرأة ما بحد ذاتها. إن الشاعر الحقيقي يخترع هذه المرأة إن لم يجدها أو يصادفها. إنه يتجسد حالات عشق لآخرين، يُهيأ للمتلقين أنه يحب ويعشق، وهو ليس كذلك. ورحم الله القائل: أعذب الشعر أكذبه.
كلمة أخيرة: إن كل القصائد التي نظمتها للمرأة التي أحببتها " زوجتي " لم تنشر، إلا ما ندر.
 [*هل يحقق لك أهل بيتك الراحة المطلوبة للكتابة، أم يطلبون منك التقاعد والجلوس معهم؟*]
  إنني أتمتع بنعيم أجواء عائلية هي غاية في الهدوء والراحة والشاعرية، وقل نظيرها. وهذا يفسر العدد الكبير من الدواوين التي نظمتها، والمقالات التي كتبتها.

دارة فسيحة مريحة. حديقة غناء. زوجة مثقفة فنانة لها إبداعاتها الفنية المختلفة. أبناء ناجحون في حياتهم الإجتماعية والعملية، وهم متعاونون إلى أقصى حدود التعاون. لا أملك والحال هذه إلا أن أقول حمدا وشكرا لله.
 [*هل حققت الشبكة العنكبوتية الهدف في انتشار الثقافة؟ وهل استغلها العرب بشكل جيد أم لا زلنا نراوح مكاننا؟*]
- لقد لعبت الشبكة العنكبوتية دورا كبيرا في انتشار الثقافة رغما عن إرادة الأنظمة السياسية العربية التي امتنعت حتى الآن عن إخراج فضائية الثقافة العربية إلى الأثير، أو أن يكون لها صحيفة أو إذاعة في إطار الوحدة الثقافية.

هناك آلاف المجلات والمنتديات الإلكترونية، ومنها ديوان العرب، تجمع المثقفين والمبدعين، تكسر الحواجز، وتتعدى الحدود السياسية، وتسافر بإبداعاتهم إلى شتى الأنحاء والأرجاء، وتأتي بالردود والتعليقات والتغذيات الراجعة، ويكون التعارف والتواصل والتواد. إلا أن الأهم من ذلك كله الإنفلات من قيود المراقبة الخانقة وتقييد الحريات الإبداعية.
الشبكة العنكبوتية قد أوجدت حلولا لكثير من مشكلات النشر، والإنتشار جغرافيا وإنسانيا. إنها إعلام من ليس له إعلام. بالنسبة لي إنني مشارك وعضو في أكثر من ثمانين منتدى ومجلة، أنشر فيها كتبي ومقالاتي وقصائدي.
 [* لو اتصلت بك مؤسسة أمريكية وقالت لك لقد رشحناك للفوز بجائزة أدبية قيمة، فما أول رد فعل لك على ذلك؟*]
- دون أدنى شك سوف أفاجأ، وأتساءل: لماذا وألف لماذا، وأنا الذي دأبت على انتقاد السياسة الأميركية بمرارة منذ العام 1994 عبر مقالتي الأسبوعية في جريدة القدس الفلسطينية؟. هل هو احتواء؟. أم أنه تشويه لسمعتي الأدبية المستقلة؟.

  [*كلمة أخيرة لقراء ديوان العرب؟ واقتراحاتك لطاقم التحرير؟*]
 
لقد حرصت منذ البداية أن يكون لي مكان في ديوان العرب، وقد تحقق لي ذلك، كوني أعتقد أن هذا الديوان الذي يديره بحنكة وذكاء الشاعر الأديب المبدع عادل سالم. إن ديوان العرب منتدى ثقافي عربي، وهو كما يقال اسم على مسمى. وهو في اعتقادي من أكثرها تألقا وازدهارا. ومما لا شك فيه أن رواده من مبدعين وزوار يتمتعون بذائقة ثقافية سامية أكن لهم كل الود والإحترام، وأعتز أن أكون واحدا منهم.
إنني أثمن عاليا وغاليا الدور الطليعي الذي يقوم به طاقم تحرير ديوان العرب بإدارة الأديب الأريب عادل سالم. وإذا كان لي من مقترح أتقدم به، فهو يخص شكل الديوان لا محتواه. إنني أطمح أن يكتسي يوما ما ثوبا ومظهرا جديدين يزيدانه ألقا وبهاء.

في الختام ديوان العرب تشكر الشاعر لطفي زغلول على هذا الحوار الممتع الذي أتحفنا به فأثرى صفحاتنا، وأفاد قراءنا بتحليله للأمور ونظرته الشعرية الصائبة.

السيرة الذاتية للطفي زغلول

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة