نشوة الانتقام
السبت ٢ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم عادل سالم

تعرف عليها صدفة كانت فتاة جذابة، جميلة قوامها مثير للرجال، تتمايل بمشيتها كالطاووس، شعرها الأسود يتناثر على الجانبين كأنه تاج على رأس ملكة جمال.

نظر إليها معجبا، فأومأت له بابتسامة عريضة مما شجعه على التقدم نحوها، نظرت إليه مرحبة تنتظر أن يبادلها الحديث، تجرأ وقال لها:
 مساء الخير.
 مساء النور.
 هل تقبلين دعوتي على الغذاء.
 غذاء؟ متى؟
 اليوم.
 اليوم؟ لكن الوقت الآن مساء.

تذكر أنه تناول طعام الغذاء قبل ساعات، يبدو أنها أنسته كل شيء، هل جمال النساء يفقد الرجال صوابهم؟ أم أنه لم يهيء نفسه لتلك المقابلة.
ابتسم لها وقال:
 أقصد العشاء... بل أقصد أي شيء المهم أنني أدعوك وكفى.
نظرت إليه بعينيها العسليتين، فبلع ريقه قبل أن تتحدث. قالت له:
 إلى أين ستدعوني؟
 حددي المكان.
 إلى النيل الأزرق.
 هيا إلى هناك.
تكررت لقاءاته بها، حتى أصبح نادرا ما يفارقها.

زارها في شقتها، وهناك أحس بأنوثتها. فقد كانت تعرف كيف تثير لدى الرجال شهواتهم، وتطفئ لهيبهم، أغرته على تفقد كل خارطة جسدها الممشوق، وكانت بكلامها الناعم تزيده إغراء باقتحام كل الممنوعات، والمحرمات.

عرفت بعد لقاءات سر ضعفه، ومصدر نشوته وشجعته على البوح بأسرار كان يخجل أن يبوح لزوجته بها. فروت كل عطشه، ولبت كل رغباته الجنسية، تعلق بها، ووعدها بالزواج على أن تظل العلاقة بينهما سرية، وأغدق عليها الهدايا والأموال، فأصبحت عشيقته التي يحلم بها وهو في فراش زوجته.

شعرت زوجته بغيابه المتكرر عن البيت، وعندما كانت تسأله كان يكرر نفس الإجابة
 إنني مشغول بالعمل.

كان ذكيا يغتسل قبل عودته ويحاول محو آثار نزواته، ومغامراته.

مرت الأيام بسلام، كان خلالها يشعر بالرضا لأنه نجح في الحفاظ على علاقته بعشيقته سرا.
لم تكن زوجته تتصف بالذكاء الخارق لكن لكل امرأة أحاسيسها تجاه زوجها، تلك الأحاسيس التي يصعب على الرجل فهمها، أحست أن زوجها يخفي عنها شيئا لكنها عجزت عن معرفة سر تغيبه.

تساءلت أكثر من مرة:
(هل يذهب للسهر مع أصحابه؟ هل يسهر معهم في الكازينوهات؟ هل يلعب القمار؟ هل أدمن على المخدرات؟ لا لا، هذه كلها وساوس....
لن أستسلم لها لكني سأعرف سبب غيابه.)

أدمن الزوج زيارته السرية، ففتاة أحلامه أصبحت في دمه، في نبضات قلبه، علمته كيف يشتري أقراص ال (إكس تسي) الممنوعة التي تثير لدى الرجل طاقته الجنسية وتشعره بالرغبة لساعات طويلة.
أحس بمتعة لم يشعر بها من قبل في حياته كلها فأدمن عليها.

في أحد الليالي عندما كان مع عشيقته قرر أن يبلع قرصين (حبتين) من الإكس تسي، أخرج مغلفا صغيرا كان يخبئ القرصين به وأخرج القرصين، وبلعهما على الفور.

قال لها:
 أشعر أنني اليوم قوي كالحصان. لن أدعك تنامين حتى الصباح.
فقالت له وقد أطبقت عليه صدرها.
 أنا لك جاهزة، المهم ألا تتعب.
 أتعب؟ ها ها ها. هذه الليله عندي بعشرة.
 سنرى.
ثم بدت تتحداه وتثير فيه كل غرائزه.
فجأة أحس بوخز في قلبه ثم سقط على الأرض.

حاولت أن تسعفه لكنها فشلت، رشت عليه بعض الماء فلم يستيقظ، تساءلت: هل مات؟
حركته بيديها. صفعته على وجهه بلطف فكان جثة هامدة.
 يا إلهي ماذا أفعل؟ لعله ما زال حيا؟
لم تتردد كثيرا فاتصلت بسيارة الإسعاف التي نقلته على الفور إلى المستشفى وفي الطريق بعد الفحوصات الأوليه أعلموها أنه توفي.

بدأت تبكي وتلطم، وعندما وصلت السيارة المستشفى استغلت انشغال الممرضين بنقله فاختفت من المستشفى. بحثوا عنها بعد نقله لقسم التشريح فلم يجدوها فبلغوا الشرطة بالحادث التي باشرت التحقيق حيث عرف المحققون أن الزوج غادر منزله صباحا كعادته ولم يعد.

بعد أيام اعتقلت الشرطة الفتاة الهاربة التي انهارت من الجلسة الأولى عندما عرفت أنه مات مسموما.
 مات مسموما؟! أنا لم أقتله، لماذا أقتله؟! لقد وعدني بالزواج.
سألها المحقق هل كانت تتعاطى المخدرات معه؟
 مخدرات؟ أبدا والله.
 ولكن التحليل أثبت أنه يتعاطى مادة منشطة.
 تقصد (الإكس تسي)، فهذه حبوب مقوية للرجال.
 حبوب مقوية؟! تعرفين أنها ممنوعة؟
 هو الذي كان يشتريها.
 التحاليل الطبية أثبتت أن مات مسموما تلك الليلة، وأنه تعاطى السم قبل وفاته بساعة فقط، أي خلال وجودة في بيتك.
 في بيتي؟ لا لم يحصل، هذا غير صحيح.

كان التحقيق معها قاسيا، والاتهام موجه كله ضدها، وبعد تفتيش بيتها وجدوا لديها العشرات من الهدايا التي كان يقدمها لها.

اعترفت بكافة تفاصيل علاقتها به، والليالي الحمراء التي كانت تقضيها معه لكنها أنكرت أنها حاولت تسميمه أو قتله.

عائلة القتيل كلها فوجئت بعلاقته بعشيقته، واتهموا العشيقة بخداعه، وقتله لابتزازه وطالبوا بإعدامها.
لبست زوجته وأولاده الملابس السوداء وأعلنوا الحداد المفتوح حتى إصدار الحكم على العشيقة، الصحافة وجهت كل الاتهامات لها، والصحافيون اخترعوا عنها الحكايات والأعاجيب.

وفي الجلسة الأخيرة، صمت الجميع في القاعة بانتظار قرار القاضي الذي أعلن إدانه المتهمة والحكم عليها بالإعدام.
 إعدام لا، أنا بريئة.

صرخت العشيقة بأعلى صوتها نظرت إلى وجهوه الحاضرين وقالت بأعلى صوتها.
 لم أقتله، والله لم أقتله، أعترف بعلاقتي معه لكنني لم أقتله، كيف أقتله وقد كان يحبني ويغدق علي الهدايا؟

كانت تجول ببصرها في وجوه الحاضرين واحدا واحدا كأنها تحاول إقناعهم ببراءتها، فجأة التقت عيناها بعيني زوجته بملابسها السوداء. ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه الزوجة التي كانت تتمتم لنفسها بصوت لم يسمعه أحد:
 الآن اكتمل ثأري من خيانتكما.

التوقيعات: 0
التاريخ الاسم مواقع النسيج مشاركة