الصفحة الرئيسيةمقالات ودراسات
نريد إصلاحاً حقيقياً في أجهزة السلطة الفلسطينية
الأربعاء ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠٠٢
بقلم عادل سالم

دعوات الإصلاح داخل السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية، ليست بالأمر الجديد فمنذ سنوات طويلة يطالب مسؤولون فلسطينيون وأبناء الشعب الفلسطيني بضرورة إصلاح الجهاز الفاسد داخل السلطة الذي عينه ويقوده الرئيس عرفات. وكانت لجنة سابقة من المجلس التشريعي قد قدمت للرئيس عرفات طلباً بمحاكمة العديد من الوزراء بتهمة الفساد وتلقي الرشاوي ولكنه قاوم هذه المطالبة وأجبر اللجنة على إغلاق الملف، لأن مطالب الإصلاح تنال من الشخصيات النافذة التي تبصم له على بياض، ولأن الإصلاح نفسه يحد من صلاحياته وقراراته الفردية التي أرى أنها أضرت بالنضال الوطني الفلسطيني خلال الثلاثين سنة الماضية.

الشيء الوحيد الجديد في دعوات الإصلاح الحالية أنها تأتي متزامنة مع أوامر الإدارة الأمريكية، بضرورة إجراء إصلاحات داخلية فلسطينية لتنفيذ قرارات أمريكا وإسرائيل في محاربة "الإرهاب" والإرهابيين، ولأن الرئيس عرفات بات عاجزاً عن مجابهة الإدارة الأمريكية، فقد قرر إجراء بعض التغييرات المطلوبة أمريكياً لإرضاء إدارة الرئيس بوش المتصلبة، وحتى لا يظهر الرئيس عرفات أمام شعبه كرئيس ينفذ قرارات الإدارة الأمريكية فقد خرجت علينا صحف السلطة منذ عدة شهور تدعو للإصلاح الداخلي موهمة أبناء شعبنا أن الإصلاحات المنوي إجراؤها تأتي استجابة لدعوة الشارع الفلسطيني، ثم جاءت مسرحية استقالة الوزير نبيل عمرو الذي رغم احتجاجه على قصور السلطة ووزرائها يشدد على ضرورة أن يقود السيد عرفات الإصلاح الداخلي مع أنه يعلم أن الفساد المعشعش في أجهزة السلطة مرده عرفات نفسه وقراراته الفردية وتعييناته الشخصية لوزراء لا هم لهم سوى مصالحهم الفردية.

حركة مسرحية أرادت بها السلطة إقناعنا أن التغيير جاء استجابة لمطالب الشعب، مع أنها جاءت لإرضاء المطالب الأمريكية، ولم يجر على الأرض أية إصلاحات تذكر. وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد رفضت التعديلات الوزارية الأخيرة التي قام بها عرفات فلأن هذه التغييرات جاءت لتلبي بعض الأوامر الأمريكية وليس كلها ولأن عرفات بدهائه يعرف كيف يغلف هذه التعديلات ببعض الإصلاحات الجزئية لإسكات الأصوات الشعبية المطالبة بإصلاح الفساد.

يتساءل الحريصون على الإصلاح الفعلي في أجهزة السلطة كيف يمكن للإصلاح أن يأخذ دوره ما دامت كل القرارات السياسية وغير السياسية مربوطة بشخص ياسر عرفات؟! وهل فعلاً دمج بعض الوزارات يشكل إصلاحاً ما دام الوزراء المتهمون بالفساد لا زالوا على رأس مناصبهم؟!

وكيف يمكن أن نصدق أن جهاز الأمن الوقائي في الضفة قد صلح أمره ما دام عرفات عاجزا عن تغيير رئيسه الذي شكا منه عرفات نفسه ونشر سابقاً أنه أي عرفات صفعه على وجهه؟!(أقاله فيما بعد)

الشعب الفلسطيني معني فعلاً بإصلاح سلطته الفاسدة ومحاربة الفساد في صفوفها، لكن هذا الإصلاح يجب إشراك الشعب فيه وليس فقط شخص الرئيس عرفات، فالفاسدون أصلاً من أنصار عرفات وجاءوا ثمرة قراراته الفردية، والإصلاح لا يعني فقط تغيير بعض الوزراء بل يعني تغيير أسلوب العمل، وإسناد المناصب الوزارية المهمة لأشخاص أصحاب كفاءة، وخبرة وأمانة، ومحاكمة اللصوص، والمهملين في واجباتهم. الإصلاح يعني استقلال القضاء كلياً وتنفيذ قرارات الجهاز القضائي.

إن المناضلين الشرفاء الذين أثبتوا صموداً في الانتفاضة الحالية، وتفاني في العمل هم الأجدر بتولي مناصب رفيعة في السلطة.

إن قيادات العمل الوطني في نابلس وجنين ورام الله والخليل وغزة وغيرها هم الأكثر كفاءة ليكونوا وزراء المرحلة القادمة لا أولئك المتربعين في قصورهم يتابعون أخبار الانتفاضة عبر محطات الجزيرة وأبو ظبي.

ملاحظة :

هذا المقال كتب ونشر قبل وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات


تعقيبك على الموضوع
في هذا القسم أيضاً