الصفحة الرئيسيةقصص وسرد
أنا المفتي
السبت ٣٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم عادل سالم

سبحان الله ! ما أكذب هذا الرجل وما أشد خبثه ؟!
نجح للأسف في خداع الناس، لا زال يعتقد أو ربما يوهم الناس، بأن الله غفر له كل ذنوبه لمجرد أنه أعلن توبته وحج إلى بيت الله في مكة . صحيح إنه يقيم الصلاة ويؤدي الزكاة ويشهد أن لا إله إلا الله، لكن هل يكفي ذلك لقبول التوبة ؟؟

ماذا عن جرائمه السابقة ؟ يقال أن الشيخ محمد العراف أفتى له بأن توبته قبلت وأنها توبة نصوحة !!
هكذا يفتي الشيخ محمد، وكيف له أن يعرف أن الله قبل توبته ؟ وكيف يقبلها من نصاب سرق أموال الناس المساكين سابقا، ولم يعد لهم فلوسهم ؟ بعضهم لا زال حيا، فكيف سيكون شعور الضحية عندما يعرف أن الشيخ أفتى لمن سرقه بقبول توبته دون أن يتنازل عما ارتكب بحقه ؟؟

أي شيخ وأي عراف هذا ؟ أشك بنزاهته، أو أشك بسعة اطلاعه، وبأسلوب أوضح لن أقبل فتواه التي تدل على جهله في الدين وتبيح ارتكاب المحظورات .

لا يهمني إن تاب المدعو صالح العريان أم لا، كل ما يهمني أن ما سرقه مني يجب أن يعيده لي مع الأرباح التي جناها جراء تشغيل أموالي . وبعد ذلك يمكنه أن يعلن توبته .

لن يخدعني هذا الرجل بإقامته الصلاة التي يحاول أن يتقرب من الناس بها بعد ما عرفوا عنه ارتكابه للمعاصي .
يبدو أن الناس لا يهمها سوى المظاهر، والألقاب والقوة والنفوذ والمال حتى لو سرق الناس أمام أعينهم .

لم أنم ليلة البارحة وأنا أفكر في فتوى الشيخ، حاول صديقي سعيد أن يقنعني أن أسامحه، حاول إقناعي بأن الله غفر له، وإنه سيعوضني خيرا في الآخرة.

قلت له:
  كيف عرفت يا سعيد أن الله غفر له؟
  لقد حج البيت ومن يذهب للحج يعود كيوم ولدته أمه.
  لو كان كلامك صحيحا فإن ملايين الناس تحج كل عام، والعالم الإسلامي يتقهقر للخلف.
  ماذا تقصد؟
  أقصد أنك تحكم بالمظاهر وأنا أحكم بالأعمال.

لم يعجب سعيدا ردي، فقد كنت حسب قوله قاسيا عليه. لكن كيف يسمون قول الحق قسوة؟

يا إلهي الناس مع القوي ولو كان كاذبا، ونصابا. بدأت أهذي لهذه الفتاوى التي تصدر من دون فهم. رجال الدين عندنا لا يجتهدون ولا يطورون في فتاواهم، يأخذون النص الديني كما هو دون أن يشتقوا روحه وجوهره.

كل يوم كنت أتساءل: كيف يغفر الله للمجرمين جرائمهم لمجرد أن يعلنوا توبتهم ؟ أليس في ذلك تشجيعا لارتكاب المعاصي؟ فكل مواطن يمكنه أن يسرق وينهب ثم يتوب عندما يبلغ سن الخمسين.

لا زلت أذكر جاري أحمد عندما قال لي: المهم أن تكون التوبة نصوحة.

ضحكت وقلت له : وكيف سأعرف إن كانت نصوحة فقال لي: الله هو القادر على كل شيء.
  حسنا يا أحمد لكن كيف يحكم الناس على شخص أنه صالح؟
  لهم الظاهر
  كل الظاهر أو بعضه؟
  كله طبعا
  إذن كيف يصدر الشيخ فتوى بأن الله يغفر للسارق جريمته لأنه أعلن توبته؟
  وماذا تريد إذن؟ هو رب العالمين لا يحتاج لإذن منك.

لم أقتنع بجوابه، ولن أقتنع بأجوبة الكثير من علماء المسلمين.
أفهم أن الله قد يخفف عن المجرم العقاب، وأعلم أن الله قد يعفو عن بعض المجرمين لكن كيف يعفو الله عن مواطن سرقني دون أن يعيد إلي أموالي ؟ ستقول لي إن الله سيمنحني بدلا منها حسنات يوم القيامة ؟ وماذا عن أطفالي الذين جاعوا بعد أن سرق هذا الوغد أموالي ؟ ماذا عن الآخرين الذين كانوا ضحاياه ؟؟
كيف لي أن أصدق أن هذا المجرم الذي سينعم بأموالي وأموال غيري في الدنيا سيعفو عنه الله في الآخرة لأنه حج البيت ؟ من قال هذا الكلام ؟

أنا لا أصدق مثل ذلك الشيخ الجاهل الذي يصدر فتاواه يمينا وشمالا يتوهم أنه يهدي بذلك هؤلاء المجرمين للدين مع أنه بذلك يدفع بآخرين للانحراف ؟؟ والتخلي عن الدين !!
صاح الأهل وماجو ا عندما قلت ذلك، فقلت لهم:

لا تفهموني غلط يا جماعة لكن لن أتنازل عن حقي لأن شيخا أفتى بقبول توبة كاذبة، تسألونني كيف عرفت أنها توبة كاذبة، حسنا لسبب بسيط جدا وهو أنني وغيري من الضحايا لم نأخذ حقنا ويجب أن نأخذه .

هذا الرجل لم يكتف فقط بأنه لطش أموالي ولكنه أيضا كان يتعاطى المخدرات مع شلة الأنس، وكان أيام الجمع يذهب للصلاة في المسجد الأقصى لينال من الثواب أجرا كبيرا .

بعض الناس تسرق لتأكل، لكن صالحا كان يسرق ليزيد ثراء بعد ثراء، حتى إذا أصبح من أغنياء البلد أصبحت نادرا ما تجد من يشير إلى جرائمه، ربما لأنهم نسوا الماضي، أو لأنهم يتوهمون أن الله غفر له لأنهم يسمعون عن تبرعاته لبناء جامع في البلد أو لتبرعاته لدور الأيتام ... إلخ، وربما سكتوا لأن مصالحهم تتطلب أن يسكتوا ويكونوا مع التيار ؟؟

لا أدري لماذا أنقم على الشيخ محمد وأطالب بمحاكمة هؤلاء الشيوخ، أنا شخصيا لن أوافق على ما أفتى به بخصوص توبة صالح، وكونه يلبس عمامة لا يعني أنه يفهم الدين أكثر مني، لا أحد بإمكانه إقناعي أن التوبة تقبل من لص حتى يعيد ما سرقه ويعوض ضحاياه عما حل بهم جراء جرائمه .

لا بد من تغيير تلك العقلية المحبطة، ولم يبق لي إلا أن أنفذ ما نصحني به أحد الأصدقاء، أن أعين نفسي مفتيا للعالم كله يصدر فتاواه دفاعا عن الناس لا تبريرا لجرائمهم.


تعقيبك على الموضوع
مشاركة منتدى:
أنا المفتي
الاثنين ٢٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
بقلم أبو فهد

من شروط التوبة النصوح :

إذا كانت المعصية فيها حق آدمي كسرقة وسلب ونهب وقتل وجرح فلا بد من رد الحق إلى أهله واستباحتهم .




الرد على هذه المشاركة

أنا المفتي
الأربعاء ٣١ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم منال

اانا رايي من رأيك مية المية
بس للاسف احنا بزمن ما بمشي غير اللي بيكون سئ الخلق نجس القلب اي انقلب حال الدنيا بس الشاطر هوي اللي بيحارب عشان مبادئه وافكاره وما بتنازل عنها لانه الله ابقى واحسن من كل شي




الرد على هذه المشاركة

في هذا القسم أيضاً